سواء قرر رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بعد عودته هذا الأسبوع الى بيروت التمسك باستقالته وتقديمها بشكل خطي ورسمي لرئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، أو ارتأى التراجع عنها بعد حصوله على ضمانات معيّنة من رئيس البلاد و​حزب الله​، ففي الحالتين بات يمكنه الاطمئنان الى ان حالة التعاطف الشعبي معه والتي هي اليوم في أعلى مستوياتها، ستنعكس لصالحه في صناديق الاقتراع في الاستحقاق النيابي المقبل.

وبعكس ما يعتقده كثيرون لجهة ان الانتخابات النيابية باتت تفصيلا صغيرا في خضم الأزمة السياسية العاصفة في البلاد، يبدو ان هناك قناعة تترسخ يوما بعد يوم ان هذا الاستحقاق قد يكون المخرج الوحيد المتاح لهذه الأزمة، ما سيدفع كل الفرقاء للاستنفار في الاسابيع القليلة المقبلة استعدادا له. ويتحدث مصدر في ​قوى 8 آذار​ مقرّب من حزب الله عن "طفرة ماليّة" سيكون لبنان على موعد معها مع انطلاقة ​العام الجديد​ بعد تحول المواجهة من عسكرية الى انتخابية، لافتا الى انّه "وبعدما بات محسوما بوجود قرار دولي كبير بالحفاظ على الاستقرار الأمني في البلاد لأسباب شتى، فالأرجح أن تتحول كل الأموال التي كانت مرصودة للحرب لتمويل ​الحملات الانتخابية​ بشكل لم يشهده لبنان من قبل". ويضيف المصدر: "الكل بات مقتنعا بأن لا مجال على الاطلاق بعهد الرئيس ميشال عون لتأجيل جديد للانتخابات، أضف ان من كان يتردد قبل اندلاع الأزمة الراهنة بخوض هذا الاستحقاق بات يستعجله لاستثمار التعاطف الشعبي معه والذي يبدو اليوم بأبهى حلله".

وتشير المعطيات الى ان الأجواء التي ستواكب الاستعدادات الانتخابية ستكون تصعيدية بامتياز وان بقيت تحت سقف الحفاظ على الاستقرار الداخلي، "فالمواجهة التي أعلنتها المملكة العربيّة السعودية والمدعومة أميركيا وأوروبيا للحد من النفوذ الايراني ونفوذ حزب الله في المنطقة، وان كانت لن تتخذ طابعا عسكريا او أمنيا، فهي ستكون واحدة من أصعب وأقسى المواجهات الانتخابية، بحيث ستستخدم خلالها كل أنواع الأسلحة باعلان واضح لسقوط سياسة ربط النزاع ووضع الملفات الخلافية في الادراج".

وبالرغم من كل الضغوط التي يتعرض لها حزب الله وآخرها من ​جامعة الدول العربية​، تؤكد مصادر في قوى 8 آذار مقربة منه أنّه مطمئن تماما لكون اي تسوية مقبلة لن تكون على حسابه، مشددة على ان "المواجهة التي خاضها الحزب مؤخرا يدا بيد مع الرئيس عون وباقي الحلفاء والمتمثلة باستقالة الحريري وما رافقها، انتهت لصالحهم". وتضيف: "لا شك ان المرحلة تتطلب الكثير من الحكمة والتروّي، الا ان وجود الرئيس عون في بعبدا ضمانة لنا وللبلد ككل، وهو ما يجعلنا مطمئنين للآتي من الأيام".

وتبدو المصادر واثقة بأنّه لن يكون هناك حكومة للبنان قبل الانتخابات النيابية المقبلة، مرجحة ان تشرف حكومة تصريف الأعمال على الاستحقاق، "في ظل تعذّر اي جهود لتشكيل حكومة جديدة لاقتناع الجميع بأن لا امكانية لارساء تسوية كبرى الا بعد تبلور الأحجام التي ستفرزها صناديق الاقتراع".

بالمحصلة، قد يكون لبنان على موعد مع عمليّة شد حبال غير مسبوقة ستنعكس لا شك ارتفاعا في حدة الخطاب السياسي بعد دخول اللاعبين الاقليميين والدوليين بشكل مباشر على خط الأزمة.