انتهت عملية تسجيل المغتربين ال​لبنان​يين من اجل المشاركة في الانتخابات النيابية المنتظرة في أيار عام 2018، وكانت الحصيلة النهائية بحسب ​وزارة الخارجية​ 92810 مسجلا في مختلف دول العالم، ولكن يبقى هذا الرقم غير نهائي ريثما تنتهي ​وزارة الداخلية والبلديات​ من تفحّص الملفات واصدار الأرقام النهائية الثابتة.

بعد ساعات على انتهاء مهلة التسجيل، رأت وزارة الخارجية في بيان "ان العدد الكلّي للمسجلين فاق كل التوقعات، مشيرة الى بقاء آلاف التسجيلات عالقة وغير مكتملة وبالتالي غير مقبولة نتيجة الضغط الذي حصل في الساعات الأخيرة". ولكن ماذا عن العقبات التي واجهت اللبنانيين في عمليات التسجيل، وكيف يمكن تفسير الارقام المسجلة في السياسة؟.

ترى مصادر مقربة من الثنائي الشيعي أن الأيام الاولى لعمليات التسجيل لم تشهد حماسة لدى المغتربين، وذلك لعدة اعتبارات، اهمها أن اللبنانيين تعودوا أن صوتهم في الانتخابات لا يغيّر من واقع النتائج المعروفة، الا أن هذه الحماسة تبدّلت بعد أن دخلت الأحزاب السياسية على خط تشجيع المغتربين، إذ تبيّن أن استنهاض الجمهور المنتشر حول العالم يشبه الى حد بعيد استنهاضه في الداخل اللبناني. وتضيف المصادر عبر "​النشرة​": "في الأسبوعين الماضيين اللذين سبقا اقفال باب التسجيل، شعرت الاحزاب السياسية أن عليها واجب التحرك بشكل فعّال لمنع احتكار تسجيل المغتربين من قبل أحزاب معينة، الا أن ازمة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ أضرّت بشكل كبير بعمليات التسجيل، لأن اللبنانيين شعروا أن الانتخابات لن تحصل وأن الحرب أصبحت على الابواب".

كذلك تكشف المصادر عن بعض المعوقات التي واجهت المغتربين ومنعتهم من التسجيل ومنها "بُعد المسافة بين سكنهم ومركز الاقتراع المفترض، احتمال قدومهم الى لبنان في أيار وقيامهم بالانتخاب من الداخل، الاختلاف بالمعلومات بين هويتهم اللبنانية والأجنبية، وصعوبة الاستحصال على بعض الاوراق". ولكن الازمة الاكبر التي واجهت فئة معينة من اللبنانيين وتحديدا "​الشيعة​" هي الواقع السياسي العالمي الذي يعتبر ​حزب الله​ منظمة ارهابية.

وفي هذا السياق تكشف المصادر أن عدد المغتربين الشيعة الذين تسجلوا في ​دول الخليج​ يكاد لا يُذكر، وذلك لأن الثنائي الشيعي لم يتحرك للتواصل مع أي لبناني في ​الدول العربية​ وذلك منعا لإحراجهم والتسبب بطردهم وما الى ذلك من إجراءات تؤذي وجودهم واستقرارهم. كذلك واجه الشيعة حول العالم مخاوف مماثلة للأسباب نفسها، الامر الذي أدى لانخفاض أعداد المسجلين، مع العلم أن "النشرة" كانت قد أشارت سابقا الى هذه المعضلة في تقرير بعنوان: "​اقتراع المغتربين​ بالخارج: حزب الله و​8 آذار​ اكبر الخاسرين"؟. وتقول المصادر: "خلال الأسبوع الماضي تحرك حزب الله لمحاولة تحسين وضعه الخارجي بعد أن تلقى ضمانات بأن عمليات الفرز لن تتم في الخارج بل في لبنان وهذا ما أرسى نوعا من الطمأنينة لديه، الا أن الوقت لم يكن كافيا لشحذ الهمم بقوة".

واذ رفضت المصادر ​الاعلان​ عن الأرقام الدقيقة للمسجلين حسب الدول، معتبرة أن الأمر من مسؤولية المؤسسات الرسمية، كشفت عن أرقام تقريبية لبعض الدول، اذ قارب عدد المسجلين في ​ألمانيا​ مثلا الـ9 آلاف أغلبها في ​برلين​، ولاية ديترويت الاميركية 2200، ​واشنطن​ 2000، لوس انجلوس وأريزونا 2300، مونتريال في كندا 5000، اوتاوا 4200 و​أبيدجان​ 3500. وشددت المصادر على كون الأرقام التي وردت اعلاه هي ارقام تقريبية، مشيرة الى أن القوى السياسية بانتظار الأرقام الرسمية والنهائية للبناء عليها.

يبلغ عدد الناخبين في لبنان 3 مليون و658 ألف و786، ويبلغ عدد المسجلين من المغتربين 92 ألف و810، أي أن نسبة هؤلاء من إجمالي الناخبين لا تشكل أكثر من 2.53 بالمئة، وبالتالي لن يكون لهم التأثير الكبير على مجرى الانتخابات والنتائج، الا اذا صودف عدد كبير منهم في دوائر محددة او ركزت بعض الاحزاب على تسجيل المغتربين حسب الدوائر التي سينتخبون بها، وبالتالي لا يمكن الحديث اليوم عن "التأثير" السياسي للمغتربين بانتظار الأرقام الرسمية وكيفية توزيعها على الدوائر.

لا شك أن الأرقام شكّلت مفاجأة للبعض خصوصا وانها التجربة اللبنانية الاولى على هذا المستوى، مع التشديد على ان اهمية اقتراع المغتربين ليس بتغيير النتائج فحسب، بل بالتواصل الذي نشأ بين الأحزاب اللبنانية والمنتشرين، الأمر الذي يعزز الانتماء الوطني لدى كل من ترك لبنان واستقر في الخارج.