الاستقلال ليس مجرد كلمة أو فعل تم في مكان وزمان معينين وكفى. الاستقلال كجريان الدم في الشرايين، إذا لم يكن حركة مستمرة، ودائمة ومنتظمة قضى الإنسان، ولنقل انتهى الوطن. يشبه الاستقلال منزلًا، يقتنيه امرؤ ليؤسس عائلة، مستقلًا عن كنف عائلته حيث ولد وترعرع ونشأ. صار هذا بيته وكون بالتالي أسرته. وبات عليه صون هذا البيت من جدرانه الخارجية إلى جدرانه الخارجية والاهتمام به وبأثاثه وبديكوره وبما يوفر للعائلة مستلزمات العيش الهانئ والأمين. ويدرك صاحب المنزل علاقته بجيرانه فينظم ما هو مشترك بينهما، ولكن لا يسمح لأحد أن يتدخل في شؤونه الداخلية. ويعرف تمامًا كيف يحافظ على بناء البيت فيمنع أي تشققات فيه وإلا تسربت إليه المياه، وإذا أهمل الأمر تداعى البيت وانهار.

البيت هو الوطن، ومنع التشققات هو تمتين الوحدة الوطنية، ومراعاة الجيران والمحيط هي مراعاة حسن الجوار والتعاون لما فيه خير الجميع. فيفرض ساعتئذ صاحب البيت احترامه على الجميع ويحافظ على أسرته ويدرأ عنه كل خطر.

وكم تجسد الاستقلال بالفعل من خلال الحراك السيادي الذي اعتمده رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ لتحرير رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، فلم ينتظر إملاءات ولا توجيهات، إنما بادر وقاد سفينة التحرير، كما عادته، ولاقته الإرادة الدولية، بعد حركة وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر، فنجح المسعى في تثبيت حق ​لبنان​ وانتزع بالتالي احترام العالم، والأهم ثقة الداخل، بأن لبنان وطن سيد حر مستقل فعلًا لا قولًا.

الاستقلال عيد، والعيد فرح، فلنفرح اليوم بوطننا وبعيد استقلاله المعمد بالدم والتضحيات والقرار الحر، ولنفرح برئيس أمتنا وبرئيس تيارنا، لأن وحدتنا الوطنية المتينة عززت استقلالنا وسيادتنا وأطلقت أجنحة حريتنا إلى غد واعد.