أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ ما نشهده اليوم بمثابة مقدّمة إيجابية لكننا لم ندخل بعد في التفاصيل، والمعلوم أنّ الشيطان يكمن في التفاصيل، مشيراً إلى أنّه لا يريد أن يكون متفائلاً جدًا ولا متشائمًا بل متشائلاً على ما يقول رئيس المجلس النيابي في لبنان نبيه بري، لافتاً إلى أنّنا أمام مشهد جديد في سوريا لكنه ليس كافياً.

وفي حديث إلى قناة "الإخبارية السورية" من دمشق ضمن برنامج "حوار خاص" أدارته الإعلامية رنا إسماعيل، اعتبر أبو فاضل أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أراد أن يدخل في الحلّ، متحدّثاً عن حلّ سياسي في المنطقة ولكنه سيحتاج لبعض الوقت، لافتاً إلى أنّ الرئيس بوتين أراد أن يُفهِم كلّ المجتمع الدولي وخصوصاً من كانوا يطالبون برحيل الرئيس السوري بشار الأسد أنّ الحلّ يكون من خلال الأسد ومعه، ولذلك كان هذا الاستقبال الكبير والمميّز، "وقد رأينا أنّها المرة الأولى التي يجلس فيها رئيس دولة أخرى في هيئة الأركان السورية".

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ الانتصار الذي تثبت على الأرض لسوريا وحلفاء سوريا هو الأساسي، مشيراً إلى أنّ اللقاءات التي تحصل في الفنادق وغيرها لبعض المجموعات لا تقدّم ولا تؤخّر.

اردوغان لن يخرج مجاناً

ورداً على سؤال، رأى أبو فاضل أنّ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لن يخرج مجاناً من سوريا وتحديداً من الشمال السوري والشرق إلى حد ما، مشيراً إلى أنّ الأميركيين مع قوات سوريا الديمقراطية وضعوا قوة مقابل اردوغان لإعطائه مبرّراً للبقاء في المنطقة، ولفت إلى أنّ الوضع في المنطقة يؤشر إلى أنّ الرئيس التركي لا يستطيع الانسحاب الآن، ملاحظاً أنّ أيّ رصاصة لم تطلق على القوات التركية من جانب جبهة النصرة والتكفيريين خلال تواجدها في المناطق السورية.

وتحدّث أبو فاضل عن ارتباط بين اللاعب والتركي والإخوان المسلمين، أو الإخوان المستسلمين كما يفضّل تسميتهم، مشيراً إلى أنّ هؤلاء لا أمان لهم، لافتاً إلى أنّ القمة الثلاثية في سوتشي كانت محاولة لتصحيح ما خربه اردوغان في إدلب، موضحاً أنّ اردوغان يستطيع أن يستدير وينعطف سياسياً في لحظة، مشدّدًا على أنّه ليس من سيحلحل الأمور، ولكن هناك ضغط عليه، والآن مصلحته طالما هناك أميركيون في الشمال السوري يتحركون خلافاً لرأيه، فهو يماشي الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني.

الانتصار على "داعش"

وفيما دعا أبو فاضل لعدم التقليل من شأن قوات قسد، اعتبر أنّ إردوغان عليه أن يرقص دائمًا، وهو كاللعبة التي تستمرّ بالرقص كي لا تقع، ولاحظ أنّ لديه مشاكل مع كلّ محيطه، لأنّه عندما تتوقف المشاكل في محيطه يسقط بسبب إخفاقاته الداخلية، وقال: "نحن أمام شخص لا يمكن ضبطه في السياسة".

ولفت أبو فاضل إلى أنّ الرؤساء روحاني وبوتين والأسد في المقابل واضحون وملتزمون بالشرعية الدولية، واعتبر أنّ اردوغان يفتعل مشكلة مع قوات قسد، وهذه القوات المدعومة أميركياً يمكن كثيراً أن تختلق المشاكل معه حتى يبقى في سوريا ولا يغادرها، وسأل: "لماذا أعلن اليوم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الانتصار على داعش، وكذلك الرئيس روحاني، والجنرال قاسم سليماني، والرئيس بوتين والرئيس الأسد؟ لماذا في المقابل لم يعلن الرئيس إردوغان الانتصار على داعش، وكذلك أميركا، والإسلام السياسي والتكفيري؟"

"داعش" بشكل جديد؟

ولم يستبعد أبو فاضل أن تطلّ علينا "داعش" الآن بمشهد جديد وشكل جديد، خصوصًا أنّ من موّلوها ودرّبوها وخلقوها لم يعلنوا الانتصار عليها، وقال: "يجب علينا أن لا نصدّق إردوغان، والرجل لا يمكن ضبطه، وهو يحلم أن يكون أمير دولة الخلافة أو ما شابه، والمفارقة أنّ كل المجموعات تمرّ من عنده، ولا يجب أن نختبئ وراء إصبعنا".

ولفت أبو فاضل إلى أنّ علينا أن نرى ماذا سيفعل إردوغان وأجهزة استخباراته، التي لفت إلى أنّها من أقوى أجهزة الاستخبارات في المنطقة، وذكّر بأنّ جبهة النصرة كانت تفتح الطرقات لاردوغان، ملمّحاً إلى أنّ مجموعات الإسلام السياسي قد تكون موجودة في تركيا اليوم.

اردوغان لا يريد وحدة سوريا

ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ إيران لديها مصالح مع تركيا وكذلك روسيا لديها مصالح مع تركيا، وإيران وروسيا هما حليفتان لسوريا، مشيراً إلى أنّه لا يمكننا أن نصدّق رجب طيب اردوغان إذا سايرنا، وقال: "ما فعله في سوريا لم يفعله أحد، ولا يمكن القول إنه يريد وحدة سوريا بل هو يريد تقسيم سوريا، ولذلك فعلينا أن ننتظر ما سيفعله على الأرض، ولا يمكن البناء على مجرد حبر على ورق".

وشدّد أبو فاضل على أنّ الموقف السوري واضح لجهة اعتبار كل جهة في سوريا خارج عن إطار سيطرة الدولة بمثابة احتلال، وأشار إلى أنّه في الوقت الذي كان الرئيس الروسي يستقبل الرئيس السوري، كانت السعودية تجمع بعض المجموعات المعارضة، معتبراً ذلك نتيجة لخروج السعودية من سوريا، وهو من أوراق الضغط المذهبية والإعلامية على الاتفاق الذي حصل بين بوتين والأسد، ونتيجة الخلاف الاردوغاني السعودي الكبير.

الحوار السوري لا بدّ منه

وأكد أبو فاضل أنّ الحوار الوطني السوري السوري أمر لا بدّ منه، وقد أعطى الرئيس السوري بشار الأسد موافقته عليه، ولكنّه لفت إلى وجود بعض التفاصيل التي لا بدّ من الإحاطة بها، متسائلاً: "من سيتحاور مع من؟"

ولفت أبو فاضل إلى أنّ من ذهبوا إلى أستانة لم نر أنّهم دواعش، معتبراً أنّ تحديد هوية المشاركين أساسيّ، وهل من سيشارك يستطيع أن يفرض رأيه على الأرض، مشدّداً على ضرورة اختيار أشخاص يستطيعون أن يمونوا، وبالتالي أن يلتزموا بما يتمّ الاتفاق عليه.

وأشار أبو فاضل إلى أنّ الروس والإيرانيين أدخلوا اردوغان في الحلّ في محاولة لضبطه عبر جعله جزءاً من الحلّ السياسي، ولكن المشكلة تبقى أن لا أمان له.

أميركا لم تنسحب من المشهد السوري

ورداً على سؤال، تحدّث أبو فاضل عن اتفاق أميركي روسي ولكنّه لا يظهر في التفاصيل على الأرض، مشيراً إلى أنّه كلما اقترب الحل، علينا البحث عمّا سيفعله الأميركي مع الإسرائيلي، لافتاً إلى أنّ الإسرائيليين يصرّون على أن لا يكون هناك إيرانيون ولا حزب الله في الجنوب السوري، ويقولون إنّهم لا يريدون تغيير قواعد الاشتباك.

وأكد أبو فاضل أنّ الأميركيين يستطيعون التدخل في الشمال السوري من خلال قوات قسد وفي الجنوب من خلال إسرائيل، مشدّداً على أنّ أميركا لم تنسحب من المشهد السوري كما يظنّ البعض، معرباً عن اعتقاده بأنّ مشهد اللقاء بين بوتين والأسد يمكن أن يكون قد أزعج الأميركيين، وإن لم يصدر أيّ تعليق رسمي على اللقاء، لافتاً إلى أنّ الأميركيين لا يعطون رأيهم، وهم تجّار وسماسرة يتوخّون تحقيق مصلحتهم.

مصلحة أميركية في الهدوء؟

ورداً على سؤال آخر، اعتبر أبو فاضل أنّ مشاركة الأكراد وتحديداً قوات سوريا الديمقراطية في الحوار ليست بيدهم، لأنّ الأميركيين هم من يقررون في هذا الموضوع، وحتى لو شاركوا عليهم العودة للأميركيين لاتخاذ أيّ قرار، ورأى أن لا مصلحة للأميركي إطلاقاً في حصول أيّ هدوء إلا إذا كان يصبّ في مصلحته ومصلحة جماعته بالدرجة الأولى ومصلحة إسرائيل بالدرجة الثانية.

وأشار أبو فاضل إلى أنه لا يرى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلا في هذا المحور الأميركي، وهو لا يراه في المحور الروسي، معتبراً أنّ هجومه على الغرب في الآونة الأخيرة هو جزء من تمثيليات لا أكثر ولا أقلّ، مشدّداً على أنه لا يمكن لاردوغان أن ينعطف اليوم 180 درجة، وهو يهاجم أوروبا اليوم ليبتزّ أوروبا، وهو يتصارع دائمًا مع ألمانيا لأنّها أقوى اقتصاد أوروبي.

الحريري لا يريد افتعال مشكل

وفي الملفّ اللبناني، أشاد أبو فاضل بموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، واصفاً إياه بالموقف الواعي، لافتاً إلى أنّه عندما ركبت التسوية في لبنان قبل سنة ونصف لم يكن الأمير محمد بن سلمان هو ولي العهد السعودي، مشيراً إلى أنّ السعودية أدركت بعد فترة في ظل الانتصارات التي تحققت بأنّ رئيس الحكومة في لبنان لا يخصّها، مشدّداً على أنّ الرئيس الحريري فرض عليه تقديم استقالته في الرياض، وهو لم يكن مخيَّرًا.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس الحريري لا يريد افتعال مشكل في لبنان، مشيراً إلى أنّ المقاومة في المقابل قوية، ومن الصعب التقليل من وهجها، لأنّ لديها فائض قوة، لافتاً إلى أنّ مناصري الحريري الذين تظاهروا احتفاءً به لم يستطيعوا أن يقولوا شيئاً بحق المقاومة لأنّهم يعرفون أنّ المقاومة ليست سبب توقيفه، مقراً بأنّ الحريري لعب دوراً إيجابياً في المرحلة الأخيرة واكتسب شعبية واسعة.

تسوية على أنقاض تسوية

ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ المساعي الفرنسية والمصرية قد تفضي لحلّ مع السعودية، خصوصاً أنّ الكلام الفرنسي المصري سهل بالنسبة للقيادة السعودية، وأشار إلى أنّ علينا انتظار أسبوعين أو ثلاثة، لأن لا حلول في لبنان يمكن استشرافها قبل ذلك.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الحل لا يقوم سوى على ركائز ثلاث هم رئيس الجمهورية ميشال عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، وخروج أي من هؤلاء يعني سقوط التسوية بصورة عملية، وقال: "الآن يتمّ العمل على تسوية على أنقاض التسوية السابقة".