فتح قرار "التريت" بالاستقالة الذي أعلنه رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ من القصر الجمهوري في بعبدا بعد لقائه رئيبس الجمهورية ​ميشال عون​، الباب أمام الحديث عن طاولة حوار تُعقد لبحث الازمة السياسية الراهنة، ولكن لن تكون هذه الطاولة كسابقاتها فالرئيس يميل الى عقد لقاءات ثنائية.

بالأمس فجّر الحريري "قنبلته" في وجه الاقربين والأبعدين فكان قراره مفاجئاً للغالبية العظمى من الطبقة السياسية وحتى من محيطه باستثناء رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​.

لقد أكد رئيس الحكومة أنه "باق ليس في لبنان فقط بل في صلب الحياة السياسية"، بحسب الكاتب والمحلل السياسي ​علي حمادة​، الذي أشار عبر "النشرة"، الى أن "التريث بالاستقالة" هو أقرب الى التراجع عنها لكنه لن يكون تراجعاً في الهواء من دون التوافق على مجموعة عناوين سياسية ستطرح وأهمها النأي بالنفس". في حين رأى الكاتب والمحلل السياسي ​جوني منيّر​ أن "التريث بالاستقالة" هو تجميد لها ما يعني أننا عملياً وفي الفترة الراهنة دخلنا مرحلة الجمود السياسي حتى لأعمال ​مجلس الوزراء​، بإنتظار الجوّ الاقليمي المناسب والمفاوضات التي تقوم بها ​فرنسا​ مع ​إيران​ فيما خص الملف اللبناني، وعلى قاعدة تقدم المفاوضات في الخارج تسير الأمور في الداخل". هذا ما أيّده أيضاً الكاتب والمحلل السياسي ​طوني عيسى​ الذي لفت الى أن "زيارات الحريري الى مصر وفرنسا وقبرص هي التي ساهمت في صياغة الحلّ".

لا يكتفي حمادة بإعتبار أن "التريث بالاستقالة" هو فقط التراجع عنها بل ذهب أبعد من ذلك، ورأى أن "هناك عودة لإجتماعات مجلس الوزراء ليس الأسبوع القادم بل ربما ما بعده، وفي هذا الأمر دلالة ورغبة من الحريري ومن المعنيين في الشأن السياسي في البلد وخصوصاً الرئيس عون بالقول إن الأمور عادت الى طبيعتها". وهنا أثنى منيّر على الدور الذي لعبه الرئيس عون في هذه الأزمة وعرف كيف يحتويها للخروج منها، فحوّل الأنظار خارجياً من الاستقالة الى قضية رأي عام دولي يتحدّث عن وضع الحريري واحتجازه في ​السعودية​.

"خلال وبعد هذه الأزمة أصبح الحريري يتمتع بشعبية كبيرة عند جمهور "​حزب الله​" خصوصاً و"​التيار الوطني الحر​" وغيرهم، والمواقف التي صدرت عن الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ومواقف الرئيس عون أثّرت كثيراً". وهنا التمس حمادة أن "في المسألة تغييراً ولكن نحو الأفضل ولولا وحدة الصفّ لكانت البلاد ذهبت نحو الإنفجار الكبير".

أما بالنسبة الى الحوار الذي بدأ الحديث يكثر الحديث عنه، فقد علمت "النشرة" أن "رئيس الجمهورية يميل الى عدم انعقاد طاولة حوار موسّعة راهناً وهي قد لا تكون الأنسب في هذا الظرف، والأفضل عقد مشاورات ثنائية داخلية شبيهة بتلك التي قام بها مع بداية أزمة الحريري وقد تتوّج بإعلان وطني أو غيره". في حين أن منيّر لفت الى أن "عقد طاولة حوار مرتبط بالمفاوضات الخارجية التي تجري بين الدول في الملف اللبناني، وفي حال ظهر أي مؤشر إيجابي عندها يبادر الى الدعوة لعقد طاولة حوار ولكن ليس قبل أسٍبوعين".

لا شك أن الحريري عاد الى لبنان متمتعاً بزخم، ولا شكّ أيضاً أن حكمة الرئيس عون وتضافر جهود كلّ القوى ووحدة الصف اللبناني ساهمت في التخفيف من حدّة اضرار الازمة، على الرغم من أن حسابات رئيس الحكومة ستكون مختلفة عن تلك التي كانت موجودة قبل حمله على اعلان استقالته من السعودية، لتبقى الانظار متجهة الى القصر الجمهوري وتحرك الرئيس عون لحلّ الازمة نهائياً!.