غابت تغريدات وزير الدولة لشؤون الخليج ثائر السبهان حول لبنان، والتي توقعت لهذا البلد قبل وخلال وبعد الازمة السياسيّة التي فجرتها استقالة ​سعد الحريري​ من الرياض، أمورا مذهلة، كما لم يصدر أي موقف سعودي رسمي او غير رسمي، من تريث رئيس الحكومة في تقديم استقالته لرئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، بناء على تمنيات هذا الاخير افساحا في المجال لمعالجة اسباب الاستقالة.

ولاحظت مصادر نيابية امتعاض بعض اللبنانيين ممن باتوا يُعرفون بـ"السبهانيين"، من مجريات الامور بعد عودة الحريري الى لبنان، وإصرارهم على ان الاوضاع لن تتحسّن حتى مع تريث الحريري، لان هناك برأيهم استحالة الحصول على تنازلات من ​حزب الله​ تلبي شروط الحريري لتثبيت النأي بالنفس فعلا لا قولا .

في المقابل هناك فريق، وهو أغلبية في صفوف ​تيار المستقبل​، يرى ويسعى من خلال المشاورات التي سيجريها رئيس الجمهورية مع الأطراف الاساسيين لهذه الازمة، للتوصل الى قواسم مشتركة لتثبيت الحكومة الحالية وان دور الرئيس ميشال عون في هذا السياق مهم جدا ومفصلي .

وتقول المصادر انه قبل التطرق الى مفهوم النأي بالنفس الذي يصر عليه الحريري، لا بد وان يحصل تبدل في السلوك السعودي تجاه لبنان مغاير تماما للطريقة التي تم فيها التعامل مع الحريري خلال وجوده في الرياض، وطريقة ومضمون الاستقالة، التي لم يعد خافيا على احد انها من صنع الدوائر الرسمية ​السعودية​ .

وبالعودة الى تبديد هواجس السعوديين في ما خَص تدخلات حزب الله في الشؤون العربية، فإن وجهة نظر القوى السياسية اللبنانية لهذا الملف ما زالت متباينة، وان تركيز المشاورات التي سيجريها رئيس الجمهورية سيكون في تقريب وجهات النظر توصلا الى توافق يبدد هواجس العرب، ويؤدي الى عودة الاستقرار السياسي الى لبنان .

وتعتقد المصادر انه بمقدور رئيس الجمهورية التوصل الى احداث "الصدمة الإيجابية" الحقيقية التي يحتاجها لبنان للخروج من الازمة، عوضا عن الاستقالة وادخال البلد في المجهول.

ورأت المصادر ان نزع سلاح حزب الله يمكن ان يأتي في اطار التزام هذا الحزب العلني بالتخلي عنه عندما ينتفي سبب وجوده، اي خروج ​اسرائيل​ من الاراضي اللبنانية المحتلة، واستراتيجية دفاعيّة فاعلة تحصنه من الاطماع الإسرائيلية في بلدنا، مع اعادة التأكيد ان هذا السلاح لن يستعمل في الداخل اللبناني تحت اي ظرف من الظروف وهذا اتفاق لا عودة عنه .

لكن تدخل حزب الله في ​اليمن​ وتحميله مسؤولية اطلاق الصاروخ اليمني على مطار الرياض، فسبق ان أجاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن هذه الاتهامات نافيا نفيا قاطعا ان يكون له اي دور في المعارك الجارية في هناك، ويمكن ان يتجدد هذا الالتزام علنا ضمن التسوية الجديدة.

اما في الشأن السوري فان الموقف الرسمي للبنان من هذا الملف ينص على عدم شرعنة الزيارات التي قام بها بعض وزراء ​حركة امل​ وحزب الله الى دمشق، واعتبار ان لقاء وزير الخارجية ​جبران باسيل​ ونظيره السوري ​وليد المعلم​، كان في اطار اللقاءات التي تحصل بين وزراء خارجية يحضرون اعمال ​الجمعية العامة للأمم المتحدة​، وانه ليس مقدمة لاي تطبيع مع النظام السوري حاليا، بانتظار ما ستؤول اليه التفاهمات الدولية الجارية حاليا حول مصير الرئيس بشّار الاسد ونظامه .

ولا تستبعد المصادر بأن يكون للسفير السعودي الجديد في لبنان وليد اليعقوب الدور المهم والأساسي في المشاورات التي ستحصل خلال الايام والأسابيع القليلة القادمة، بهدف التوصل الى تسوية جديدة تعزز تلك التي أدت الى الانتخابات الرئاسية في لبنان وصعود الرئيس ميشال عون الى بعبدا وعودة سعد الحريري الى السراي الكبير .

وتؤكد المصادر ان الذي سيسهم مساهمة فعالة في إنضاج مثل هذه التسوية هو الأجواء الدولية التي أظهرت بوضوح حرص العواصم الغربية على استقرار لبنان، اضافة الى المرونة الإيرانية التي عكستها تصريحات الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير.

واستنتجت المصادر بأن اي تراجع في مسار التسوية السياسية التي يتم الإعداد لها في لبنان، يعني بالتأكيد دخول لبنان في صراعات ربما تنعكس سلبا على الوضع في ​سوريا​ وتعقد مسار التفاهمات الإقليمية لايجاد حل سياسي لهذه الازمة.