أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي ​جوزيف أبو فاضل​ أنّ أسر رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ لم يكن ليُفكّ لو لم يكن هناك تريّث في الاستقالة، مشيراً إلى أنّ التسوية الفرنسية المصرية مع ​السعودية​ تتحدّث عن تريّث حتى الوصول إلى مكانٍ ما، لافتاً إلى أنّ التريث هو موضوع تهدوي بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وفي حديث إلى تلفزيون "MTV" ضمن برنامج "بيروت اليوم" أداره الإعلامي داني حداد، رأى أبو فاضل أنّ تحالف ​حزب الله​ و​حركة أمل​ و​التيار الوطني الحر​ يقدّم كلّ التسهيلات للحفاظ على الحريري كرئيس للحكومة، باعتبار أنّه أفضل الموجودين، وبعدما تبيّن خلال عشرة أشهر أنّه يمكن أن يتكيّف مع التسوية.

واعتبر أبو فاضل أنّ التسوية السابقة سقطت عملياً، لكنّه أشار إلى أنّ تسوية جديدة سوف تبنى، في حال بقاء الرئيس الحريري، على أنقاض التسوية السابقة، لافتاً إلى أنّه لم يعد باستطاعتنا القول أنّ التسوية السابقة التي ضربتها السعودية لا تزال قائمة بكلّ ركائزها.

السلاح ليس خاضعاً للحوار

ورداً على سؤال، رجّح أبو فاضل أن يبادر رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ إلى لقاءات وطنية بالاتفاق مع الرئيس ​نبيه بري​ وحزب الله ومختلف الفرقاء، مستبعدًا أن يعقد طاولة حوار وطني جامعة، مشيراً إلى أنّ الجميع في لبنان يعرفون أنّ فريق المقاومة والممانعة في لبنان هو فريق منتصر، وبالتالي إذا كان الرئيس الحريري يضع يده بيد هذا الفريق فهو يضع يده بيد فريق منتصر.

ولفت أبو فاضل، ورداً على سؤال آخر، إلى أنّ الرئيس الحريري كان متروكاً، وهو كان محتجزاً في السعودية، وقد ساعده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري بوقفتهما معه، بعلم حزب الله وقناعته ورضاه، مشيراً إلى أنّه عندما يحصل اجتماع للحكومة فذلك يعني إما أنّه حلّ مشكلته مع الأمير محمد بن سلمان، وهو أمر مستبعَد الآن، أو أنّه اتخذ قراراً محدّداً.

وشدّد أبو فاضل على أنّ التريث عبارة مطاطة، ويمكن للتريث أن يستمرّ إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا إذا اقتضت المصلحة العامة لمختلف الأفرقاء ذلك، لافتاً في سياق آخر إلى أنّ سلاح المقاومة ليس خاضعًا للحوار الآن، مشيراً إلى أنّ هذا الحوار يمكن أن يبحث بكلّ الأمور الخلافية باستثناء موضوع السلاح.

الحريري خرج رابحاً

ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ مجرّد جلوس الفريق المنتصر مع الفريق الخاسر هو بحدّ ذاته يشكّل تنازلاً، وكشف أنّ لقاء وزير الخارجية ​جبران باسيل​ مع نظيره السوري الوزير ​وليد المعلم​ كان بعلم الرئيس سعد الحريري، مؤكداً أنّه مسؤول عن كلامه.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس ميشال عون هو بالتأكيد من الرابحين من الأزمة الأخيرة، فهو أنقذ عهده، وكذلك الثنائي الشيعي ممثلاً بحزب الله وحركة أمل هو من المنتصرين، وأشار إلى أنّ الرئيس سعد الحريري خرج أيضاً رابحاً من حيث لا يدري، لأنّه بقي في المعادلة، في حين أنّ المخطط كان يقضي بإخراجه من المعادلة، خصوصاً أنّ التسوية التي أتت به رئيساً للحكومة لم تحصل في ظلّ قيادة محمد بن سلمان.

وذكّر أبو فاضل بما أثير عن نيّة كانت موجودة لدى القيادة السعودية باستبدال الرئيس سعد الحريري بشقيقه ​بهاء الحريري​، لافتاً إلى الرد الشهير الذي أطلقه وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ حين أعلن أننا لسنا قطيع غنم، لكنّه أشار إلى أنّ التريّث ليس مرفوضاً سعوديًا، منبّهاً إلى أنّ التريث إذا استمرّ لفترة طويلة من شأنه أن يضيّع البلد.

الحريري يدرس خيارات عديدة

ولفت أبو فاضل، في سياق متصل، إلى أنّ الرئيس الحريري يدرس خيارات عديدة، متسائلاً عمّا إذا كان الحرد الحريري ضدّ السعودية سيستمرّ في المرحلة المقبلة، وعمّا إذا كانت اللهجة التصاعدية ضد السعودية في بيئته سوف تستمرّ، ملاحظاً أنّ مناصريه الذين اجتمعوا في بيت الوسط لم يكونوا يهتفون ضدّ حزب الله أو الرئيس ميشال عون أو الرئيس نبيه بري، بل كانوا يهتفون بحياة الرئيس الحريري فقط.

واعتبر أبو فاضل أنّ الشارع الحريري اليوم لم يعد موجّهاً ضدّ عون أو حزب الله أو بري كما في السابق، بل بات مع الرئيس الحريري فقط، وذلك لأنّ السعودية هي التي اعتدت عليه، ولاحظ أنّ رئيس الحكومة لم يذكر السعودية في خطاباته منذ عودته وحتى اليوم بشكل نهائي لا إيجاباً ولا سلباً.

من دوّر الزوايا؟

ورداً على سؤال، لفت أبو فاضل إلى أنّ الرئيس نبيه بري يترك اليوم الرئيس ميشال عون ليتصرّف كما يرى ذلك مناسباً، وأشار إلى أنّ الأمور بين الجانبين انقلبت رأساً على عقب وباتت أفضل بكثير ممّا كان حاصلاً في بداية العهد، معرباً عن اعتقاده بأنّ زيارات وزير الخارجية جبران باسيل إلى عين التينة لعبت دوراً إيجابياً على هذا الصعيد، ودوّرت الزوايا إلى حدّ بعيد.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ الرئيس بري تربطه بالرئيس الحريري صداقة خاصة جداً، علمًا أنّ بري لم ينتخب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، لكنّه كان أول من سمّى الرئيس الحريري رئيسًا للحكومة، معتبراً انطلاقاً من ذلك أنّ ذهاب الرجلين في سيارة واحدة إلى قصر بعبدا بعد عرض الاستقلال هو أمر عادي ولا يحتمل الكثير من التأويلات والتفسيرات.

على جعجع أن يتريث أكثر من الحريري

ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ كلّ شخص تحمّس بعد الأزمة التي أفرزتها استقالة الرئيس الحريري يُعَدّ اليوم من الخاسرين، لافتاً إلى أنّ رئيس ​حزب القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​ كان عليه أن يتريث، وهو عليه أن يتريث أكثر من الحريري حتى، وأشار إلى أنّه طلب موعداً من الرئيس الحريري، وليس معروفاً متى يحصل اللقاء بينهما.

وأعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ جعجع ينشد دائمًا حماية دولية أو إقليمية، ولاحظ أنّ الرئيس الحريري بعد الأزمة التي تعرّض لها تغيّر، وهناك الكثيرون في فريقه تغيّروا أيضاً، كما أنّ العديد من المغرّدين في جماعته اختفوا عن الساحة، لافتاً إلى أنّ هناك فريقاً محيطاً بالرئيس الحريري يجب لملمته.

زيارات سرية إلى ​سوريا

ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ هناك متابعة سورية لما يحصل في لبنان، مشيراً إلى أنّ هناك مسؤولين كثراً يذهبون إلى سوريا، بينهم من يذهب في العلن ومن يذهب في السرّ، لافتاً إلى أنّ هناك شخصيات من فريق الرئيس عون يذهبون إلى سوريا من دون الإعلان عن ذلك تفادياً لأيّ مشكل مع الرئيس الحريري.

واستبعد أبو فاضل أن يكون على جدول أعمال الرئيس عون زيارة سوريا حالياً، لافتاً إلى أنّ الرئيس عون يسعى أولاً لزيارة أميركا وروسيا ولقاء الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، لتأتي بعد ذلك زيارة ​إيران​ وسوريا، مشيراً إلى أنّ زيارة السعودية أتت بظروف مختلفة، إلا أنّ الاستقبال الذي لقيه في السعودية لم يكن لائقاً به كرئيس الجمهورية في لبنان.

قانون "اللهم نفسي"

ورداً على سؤال، جدّد أبو فاضل القول إنّ ​قانون الانتخاب​ الحالي هو قانون "اللهم نفسي"، في إشارة إلى تعقيدات الصوت التفضيلي الذي ينصّ عليه القانون، ولفت إلى أنّ التسجيل المسبق يمكن أن يشكّل خطراً بالنسبة للناخبين، الذين سيُعرف مسبقاً إن كانوا سينتخبون وأين، مشدّداً على أنّ ​البطاقة البيومترية​ تناسب المسيحيين، مستبعداً تحقيقها.

وأشار أبو فاضل إلى أنّ الرئيس ميشال عون لا يسعى لتمديد ولايته الرئاسية بعد انقضائها، واعتبر رداً على سؤال أنّ الجولة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية جبران باسيل كانت مفيدة جداً له، وهو استفاد من خلال تطوير علاقاته مع الجميع بمن فيهم الأتراك، كما خفّف التشنّج الذي كان حاصلاً، واعتبر أنّه من المبكر حصر الخيارات بالنسبة للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأكد أبو فاضل أنّ الانتخابات النيابية يجب أن تحصل، ولكن علينا أن نرى إلى أين ستذهب الأمور في البلاد في ظلّ مرحلة التريث الحالية، لافتاً إلى أنّه إذا تراجع الرئيس الحريري قد لا تحصل الانتخابات، خصوصاً أنّ السعودية لن تقبل أن يكون رئيس الحكومة في لبنان ضدّها، عندها يصبح كلّ شيء وارداً.

أوعا خيّك انتهت

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ علاقة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية تأذّت كثيراً من جراء الأزمة الأخيرة، مشيراً إلى أنّ معادلة أوعا خيّك انتهت عمليًا، لافتاً إلى أنّ عرّابي الاتفاق النائب إبراهيم كنعان والوزير ​ملحم رياشي​ صديقان وقد عملا من قلبهما لانجاز المصالحة، ولكنّ مصالح الجانبين على الأرض تختلف، والأرضية لا تزال متوترة، والشارع محقون.

وشدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس العماد ميشال عون لا يقبل أن يشاركه أحد في السلطة، في حين أنّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كان يعتقد أنّ تفاهمه مع عون سيجعل منه شريكاً للعهد، ولفت إلى أنّ الرئيس عون يعتبر أنّ القوات أخذت حصّتها في الحكومة، مشيراً إلى أنّ مدير عام تلفزيون لبنان لطالما كان محسوباً على رئيس الجمهورية ومعيّناً بشكل مباشر منه.

مخطط لاغتيال المشنوق ومراد

وتطرق أبو فاضل في سياق الحلقة إلى قضية توقيف الكاتب المسرحي ​زياد عيتاني​ من قبل جهاز ​أمن الدولة​، مشيراً إلى وجود مخطط كان يشارك فيه عيتاني لاغتيال وزير الداخلية نهاد المشنوق والوزير السابق عبد الرحيم مراد، لافتاً إلى أنّ عيتاني وفق المعلومات يتعامل مع ​إسرائيل​ منذ العام 2014.

ولفت أبو فاضل إلى أنّ ضابطاً إسرائيلياً كان يفترض أن يصل إلى لبنان ليقيم في فندق البستان في بيت مري، إلا أنّ عملية التوقيف أحبطت هذا المخطط، وأكد أنّ عيتاني اعترف بالتهم الموجّهة إليه، مشيراً إلى أنّ مدير عام جهاز أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا تواصل مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وعدد من رؤساء الأجهزة الأمنية لإطلاعهم على تفاصيل هذا الملف.

داعش يمكن أن تعود بأشكال جديدة

وفي الموضوع السوري، لفت أبو فاضل إلى أنّ الدولة السورية استردّت 90 بالمئة من الأراضي التي كانت داعش تستولي عليها بشهادة الأميركيين، وأشار إلى أنّ الرئيس التركي ​رجب طيب أردوغان​ هدفه الأساسي الأكراد، ولذلك لم تنتهِ قصة الشمال السوري بعد.

ورداً على سؤال، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّه لا يوجد معارضة فعلية سورية في سوريا، واعتبر أنّ المعارضين الموجودين في الفنادق لا يشكّلون ثقلاً، مشدّداً على أنّ أيّ حوار يجب أن ينطلق مع المعارضين الموجودين على الأرض وليس في الفنادق، ولفت إلى أنّ تركيا هي التي أخرجت السعودية من المشهد السوريّ.

ورأى أبو فاضل أنّ داعش يمكن أن تعود ولكن بأشكال جديدة، مذكّراً بأنّ من خلقوا داعش وموّلوها ودرّبوها يحيّدون أنفسهم اليوم عنها، مشدّداً على أنّ المطلوب كان ولا يزال تقسيم سوريا وتدمير وحدتها.

الثلاثية الذهبية

وناشد أبو فاضل الرئيس سعد الحريري بالتصدّي لقضية ​النازحين السوريين​ التي لم تكن تتحمّل المزيد من الانتظار، مشيراً إلى أنّ هناك مليوني نازح والحكومة مشلولة، مشدّداً على وجوب معالجة هذه القضية بشكل سريع.

ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ حزب الله يعود من سوريا عندما تنتفي أسباب وجوده في سوريا، ولكنّه لفت إلى أنّ الخط الذي ضحّى فيه حزب الله والذي تحوّل من طريق إلى أوتوستراد لن يجبر حزب الله على الانسحاب من سوريا، والمطلوب بالنسبة له رعاية الدولة السورية.

وذكّر أبو فاضل بالعملية التي قام بها الجيش اللبناني والمقاومة، متحدّثاً عن تنسيق بين الجانبين، مؤكداً تمسّكه بالثلاثية الذهبية القائمة على الجيش والشعب والمقاومة، وهي التي لم يخسر لبنان شيئاً بسببها.