منذ أن غادر رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ القصر الجمهوري الأربعاء الفائت معلناً تريّثه عن الإستقالة التي تلاها من ​السعودية​ بطريقة ملتبسة في 4 تشرين الثاني الجاري، يعمل رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ مع فريقه على دراسة كل الإحتمالات الممكنة لمواكبة خطوة الحريري، عبر حوار أو حلقات حوارية مصغرة تساعد في نهاية المطاف في الإجابة على الأسباب التي طرحها الحريري في إستقالته، كمسألة "احترام ​إتفاق الطائف​ وإلتزام لبنان ب​سياسة النأي بالنفس​ عن النزاعات الإقليمية، وعن كل ما يسيء إلى العلاقات مع الأشقاء العرب". وفي هذا السياق، على رغم التزام بعبدا الصمت المطبق ورفضها تسريب أي معلومة تتعلق بالإتصالات التي يجريها الرئيس عون لهذه الغاية، يكشف مقربون من القصر أن التوجه العام للحوار الذي يعمل عليه الرئيس هو الى تقليص عدد المشاركين فيه، وذلك بهدف تأمين نجاحه في أسرع وقت ممكن لإعادة ​مجلس الوزراء​ الى الإنعقاد وتسيير أمور المواطنين. وعن هذا التقليص، تشرح المصادر المقرّبة من القصر الجمهوري أن من غير الوارد بحسب خطة عمل الرئيس عون أن يدعو الأخير الى طاولة حوار موسعة كتلك التي كانت تنعقد سابقاً في ​عين التينة​ أو في بعبدا، لأن التجارب الماضية أثبتت أن كل ما ارتفع عدد المتحاورين، كل ما غرق النقاش بالمداخلات والمزيدات والتشنجات، الأمر الذي يجعل الوصول الى الإتفاق على ورقة عمل يتبناها الجميع، من الأمور المستحيلة". لكل ما تقدم تعتبر المصادر نفسها أن رئيس الجمهورية يعمل في مروحة الإتصالات التي يجريها، إما على حصر النقاش بالمتخاصمين الأساسيين، أي ​تيار المستقبل​ برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري و​حزب الله​ بمن يمثل أمينه العام السيد حسن نصرالله، وإما الى توسيع مروحة المشاركين كي يصبح الحوار رباعياً بدلاً من أن يكون ثنائياً".

وإذا كان سلاح حزب الله من الأمور التي لن تدخل ضمن جدول أعمال هذه النقاشات، وهو أمر يعرفه الجميع وعلى رأسهم رئيس الحكومة نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة الى إستبعاد الحزب في أي حكومة مقبلة حتى لو أن تطيير الحكومة الحالية لم يعد مطروحاً، فمسألة طمأنة السعوديّة من أن حزب الله لن يتدخل في اليمن، هي من الأمور التي ستتصدر جدول أعمال هذا الحوار، وذلك نظراً لأهمية هذا الملف بالنسبة الى الرياض على إعتبار أن اليمن يقع على حدودها مباشرةً، ولأن الحرب في ​العراق​ إنتهت بالنسبة الى حزب الله وإنسحابه منه وضع على طاولة البحث، كما أن ​الحرب السورية​ شارفت على نهايتها.

إنطلاقاً مما تقدم، وبما أن الإتصالات الرئاسية الهادفة الى الحوار لم تنته بعد، وبما أن رئيس الجمهورية سيزور ​إيطاليا​ الأربعاء المقبل في زيارة تمتد لثلاثة أيام، فذلك يعني أن مسألة عودة الحكومة الى الإنعقاد مؤجلة الى مطلع كانون الأول المقبل، لأن أي جلسة للحكومة لن تنعقد إلا قبل إعادة إحياء التسوية وإنعاشها بجلسات حوار وبورقة عمل.