لا شك أن الثنائي وزير الاعلام ملحم الرياشي–النائب ​ابراهيم كنعان​، هو الاشد تأثرا بالحالة التي وصلت اليها علاقة القوات اللبنانية–​التيار الوطني الحر​. فعرابا المصالحة التاريخية واللذين تعاملا معها دائما كـ"ولدهما المدلل" يشهدان منذ اعلان رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ استقالته، على عملية انهيار لا تزال مستمرة لكل ما عملا طويلا على بنائه وترسيخه، وبخاصة الثقة بين الحزبين اللذين كانا ألد الأعداء وتحولا بجهود كنعان والرياشي الى صديقين مقربين وان كان نتيجة تقاطع مصالح في لحظة تاريخية محددة.

فما كان قابلا للترميم قبل استقالة الحريري، قد لا يكون كذلك بعد التجربة الأخيرة، بحسب مصادر مواكبة لعلاقة الطرفين، تحدثت عن استياء كبير في صفوف "التيار الوطني الحر" الذي يعتبر ان حزب "القوات اللبنانية" وبتغريده خارج السرب خلال مرحلة تواجد الحريري في الرياض، قام بـ"خطأ استراتيجي" يرقى لمستوى "الخطيئة" بحق العهد الجديد وسيده، "من منطلق ان الانقلاب الذي كان يتم الاعداد له، لم يكن يطال الحريري وحده بل العهد والتركيبة القائمة ككل، وهو ما يعتبره التيار طعنة كبيرة في ظهره لن يُشفى منها قريبا". وبالرغم من اصرار "القوات" على نفي كل الاتهامات التي كانت ولا تزال توجه اليها في مجال "التحضير لانقلاب سياسي"، وتوعدها بملاحقة كل من يروج لهذا السيناريو قضائيا، لا يبدو "التيار الوطني الحر" مقتنعا بـ"التبريرات القواتية"، فهو وان كان لم يتبنّ اي اتهامات في هذا المجال الا انّه لم يتوان عن انتقاد أداء "القوات" في المرحلة الماضية والاقرار بمدى تدهور علاقتهما على خلفية ما واكب استقالة الحريري.

وتبدو مهمة رأب الصدع واعادة بناء الثقة بين الطرفين، والتي لا شك ستوكل للثنائي الرياشي–كنعان فور عودة الأخير من رحلته البريطانية، أشبه بالمهمة المستحيلة. فهما قد ينجحا بمداواة الجراح الا انّهما سيجدان صعوبة كبيرة باعادة المياه الى مجاريها والامور لما كانت عليه خاصة وان الخلافات بين الطرفين كانت قد بدأت قبل استقالة الحريري، وتمادت بعد اندلاع أكثر من مواجهة بين وزراء الفريقين داخل الحكومة. المواجهات التي اتخذت بمعظم الاوقات طابع الخلاف التقني، لامست في كثير من الأحيان طابع الخلاف الاستراتيجي الذي اصلا لم يتم تخطيه حتى بعد "اعلان النوايا" في معراب.

وترجح المصادر ان تتفرغ القوات لرأب الصدع مع "التيار الوطني الحر" كما مع تيار "المستقبل" بعد عودة الحريري نهائيا عن استقالته، والمتوقع ان يتم في الاسبوعين المقبلين بعد ايجاد صيغة مناسبة لتجديد الالتزام بالنأي بالنفس، مع ترجيح فرضية ان يبقي رئيس "القوات" ​سمير جعجع​ ورقة استقالة وزرائه على الطاولة، على ان يستخدمها في الوقت المناسب والارجح قبل أشهر معدودة من موعد الانتخابات النيابية، ليستثمرها في صناديق الاقتراع.

وبالنتيجة، يبدو "القواتيون" وحيدون في مسيرتهم السياسية أكثر من أي وقت مضى. فالتصدعات الكبيرة التي أصابت مؤخرا علاقاتهم بالعونيين والمستقبليين أتت لتضاف الى تصدعات اكبر مستمرة في العلاقة مع "​الكتائب​"، ما يطرح أكثر من علامة استفهام كبيرة حول نوعية التحالفات التي يخططون لنسجها في الاستحقاق النيابي المقبل.