حتى وان كان الفريق المقرب من رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجية ​جبران باسيل​ يرفض حتى الساعة الاقرار بتخطّي مطلب "التعديل الحكومي" والذي وُلد اصلا في الاجتماعات الداخلية للتيار، حين توجه باسيل قبل مدة الى وزراء التيار مصوّبا على آدائهم الحكومي، ومعلنا نيّته ادخال تعديلات الى التشكيلة الوزارية العونية في حال لم تكن الانتاجية الحكومية على مستوى التطلعات، تؤكد مصادر عونية انّه وبعد الأزمة الأخيرة التي دخلتها البلاد تم الى حد بعيد تجاوز هذا المطلب وان كان قد تم احياؤه من قبل تيار "المستقبل" في الأيام الماضية.

وبحسب المصادر، فقد حاولت قيادة تيار "المستقبل" التي تلقّفت الطرح العوني تشجيع قيادة التيار للسير مجددا به، لعلمها بأن تبنيه من قبل الثنائي المسيحي–السني سيرفع من حظوظه خاصة في ظل انعدام حماسة الثنائي الشيعي لتلقف الموضوع، اضافة لمعارضته من باقي القوى السياسية. وتختلف النيات العونية عن تلك المستقبلية بما يتعلق بتغيير عدد من الوزراء، وان كان الهدف واحدا. ففيما ينطلق منه الوزير باسيل لاحداث "صدمة ايجابية" تؤدي لنهضة بعمل الوزارات العونية قبل موعد الانتخابات النيابية، يبدو ان التيار الأزرق يسعى لمعاقبة بعض من هو غير راض على آدائهم في المحنة الأخيرة التي مر بها الحريري.

وبالرغم من اقرار مصادر عونية، بتقصير بعض وزراء التيار مقارنة بغيرهم من الوزراء العونيين النشيطين، الا انّها ترفض تحويل طرح "التعديل الوزاري" سيفا مسلطا على رقابهم، لافتة الى ان "استخدام الملف كـقنبلة دخانيّة أمر معيب كما انّه من غير المنصف ان يتحول أي وزير سواء كان عونيا او ينتمي الى فريق سياسي آخر لكبش محرقة او فشة خلق".

وتعتبر المصادر انّ "من غير المنطقي على الاطلاق في ظل الانكباب على معالجة الأزمة التي دخلتها البلاد بعد اعلان الحريري استقالته، البحث عن أزمات جديدة تزعزع مجددا الثقة بالدولة و​الاقتصاد اللبناني​، خاصة وأن أعين العالم أجمع مصوبة تجاهنا"، مشددة على ان "ليس من مصلحة البلد على الاطلاق فتح هذا الملف والدخول بخضّات نحن بغنى عنها في المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة ككل".

وان كانت المصادر تُقر بحساسية وضع قيادة التيار التي تصر وانطلاقا من توجيهات رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ على جعل الوزارات العونية مثالا يُحتذى من حيث النشاط والانتاجية والشفافية، نتيجة الوعود الكبيرة التي تم اطلاقها في المرحلة الماضية، تعتبر انّ من الضرورة في مكان التعاطي بواقعية مع الأمور خاصة وأن رئيس الجمهوريّة ميشال عون كان واضحا تماما حين أبلغ اللبنانيين بأن عهده الحقيقي يبدأ بعد الانتخابات النيابية وليس بعدها.

بالمحصلة، قد يكون من المفيد سحب طرح "التعديل الحكومي" من التداول بأسرع وقت للانصراف للملمة البيت اللبناني الداخلي بعد الأزمة الأخيرة التي كادت أن تجر الويلات على البلد، كما لتحصين الحكومة وباقي مؤسسات الدولة واعطائها جرعة دعم لا ادخالها في متاهات هي بغنى عنها، في ظل الصراعات الاقليمية التي بلغت أعلى مستوياتها منذ عشرات السنوات.