ذكر نائب الأمين العام لـ"​حزب الله​" ​الشيخ نعيم قاسم​، في كلمة له خلال مؤتمر الوحدة الإسلامية ب​طهران​، تحت عنوان "مؤتمر الوحدة ومتطلبات الحضارة الإسلامية الحديثة"، أنه "سأنطلق من عنوان المؤتمر لأطرح فكرة ضرورة تعريف الحضارة الإسلامية التي نريدها، فلطالما علق في الأذهان أن الحضارة ترتبط بقيام دولة محددة تحكم بالإسلام، ولكني أرى أن نتحدث عن الحضارة الإسلامية بما هي انتماء المسلمين إلى الفكر الإسلامي الأصيل، وتطبيقه في حياتهم على المستوى الإيماني والثقافي والسياسي والجهادي، أكان ذلك من خلال إقامة ​الدولة الإسلامية​ أو من خلال الحركات الإسلامية أو كان ذلك من خلال المجاميع المختلفة التي تلتقي في بلدان لا يتاح فيها أن يقام الإسلام ولكن يمكن لهم أن يمارسوا قناعاتهم والتزاماتهم".

وأكد قاسم أن "هذه المتطلبات تقتضي أن نتحدث عن عناوين ثلاثة وهي الاهتمام بإبراز النموذج الإسلامي، أكان نموذج الدولة أم نموذج الجماعة، وهذا النموذج هو الذي يشكل الجاذبية الحقيقية لباقي المسلمين، وأمامنا اليوم نموذج الجمهورية الإسلامية ال​إيران​ية التي أطلقها الإمام الخميني، ويرعاها اليوم الإمام الخامنئي، ويسير على هديها الشعب الإيراني، هذه الجمهورية قدمت تجربة إسلامية في إدارة الدولة، وطرحت أفكارا مهمة لا بد أن تصبح محل تداول للتأثير في الأمة، وهي التي تؤسس لقيام الإسلام بإرادة الشعب، وطرح قبله الإمام الخميني بأن كل ما لدينا من عاشوراء، لنتزود من تجربة الإمام الحسين آفاقا واسعة يمكنها أن تحقق لنا الكثير في الأمة، هذه المنطلقات للنموذج يجب أن تكون حاضرة من أجل أن تعم الحضارة الإسلامية، ومن أجل أن تؤثر في المسلمين، وكذلك لا بد أن يكون نموذج حزب الله كحركة وجماعة حاضرا وجاهزا لأنه استطاع خلال حقبة زمنية قصيرة أن يقدم نموذج المقاومة التي هزمت أعتى قوة في المنطقة ​إسرائيل​، وأعادت الأمل للأمة في أن تنطلق جماعة باسم الله وفي سبيل الله لتحرر الأرض وتقيم العزة من منطلق إيمانها، فشباب حزب الله يسجدون لله ثم يرفعون رؤوسهم لقتال العدو، ويتمتعون بأخلاق الإسلام ثم يكونون أشداء على الكفار محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء، في تجربة أدت إلى رفع سيد المقاومة شعارا رائعا أصبح منتشرا في الأمة ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات"، فالهزائم التي ولت هي هزائم الفكر والاحباط وسوء الأخلاق والفساد فضلا عن الأعداء، وأما الانتصار فهو انتصار الحق والإيمان والصلاح والمؤمنين على الكفار والمنافقين، هذه التجربة كفيلة أيضا أن تشكل تعبئة حقيقية للأمة وتساهم في حضارتها".

وسأل "هل تعلمون اليوم لماذا يواجه العالم المستكبر تجربة إيران وتجربة حزب الله ويواجه هذا الإسلام المحمدي الأصيل"؟ مؤكداً "لا لأنه ربح قطعة من الأرض، ولا لأنه هزم مجموعة من الأعداء، بل لأنه أوجد نموذجا إسلاميا يستطيع أن يشكل قطبا يجذب إليه العالم من المسلمين ومن غيرهم ليعيشوا عظمة الإسلام وسعادة الإسلام".

أما العنوان الثالث فذكر قاسم أنه "من الضروري أن نواجه التحديات في جبهة واحدة ومحور واحد، كفانا أن نختبئ ويتصرف كل في بلده وكأنه غير معني بالآخرين، المحور الواحد هو الذي يعطينا القوة، اليوم يوجد محور اسمه محور المقاومة تقوده وترعاه إيران، كل انتصاراتنا التي تحققت بسبب محور المقاومة، من انتصارنا على إسرائيل في ​لبنان​ و​فلسطين​، إلى انتصارنا على التكفيريين في ​سوريا​ والعراق وفلسطين ولبنان، إلى صمود ​اليمن​، إلى كل الأصوات التي ترتفع في مواجهة التحديات، كل ذلك من خلال محور المقاومة، محور المقاومة هو الذي هزم دولة التكفير، وهو الذي سجل في التاريخ وفي الحاضر أن هذه الأفكار الخاطئة لا يمكن لها أن تستقر ولا يمكن لها أن تستمر في الأمة، وهذه المواجهة ليست مواجهة عسكرية هي مواجهة فكرية وسياسية وثقافية، وأعتبر أن سقوط داعش في سنة 2017 هو سقوط عسكري من ناحية ولكنه بداية السقوط المدوي ثقافيا حيث أصبح العالم الإسلامي يرى أن لا أمل بهؤلاء وبالتالي سيفتش عمن أنقذه منهم فيعود إلى الإسلام الأصيل ويستهدي به"، لافتاً الى أن "اليوم مهما تقوى الاستبداد السعودي بالإرهابيين فهو لا يستطيع أن يغير المعادلة، ومهما تقوت إسرائيل بالإرهابيين فلا يمكن أن ينتصروا في المعادلة. أمامنا اليمن هو صامد لأكثر من ألف يوم رغم الدمار والخراب والقتل والجرائم المرتكبة، وإذا ظن أحد أن بإمكانه أن ينجح في اليمن فهو خاطئ، فمن الأفضل أن تتركوا اليمن لأهله قبل أن تروا نتائج غير محمودة لأن هذا الشعب مظلوم والله مع المظلومين".

وشدد قاسم على "اننا نتفرج في محور المقاومة على ​أميركا​ وإسرائيل تقودان محور الشر للسيطرة على منطقتنا، وتفتيتها وإنهاء القضية الفلسطينية، هم يجتمعون على باطلهم ثم يقولون لنا تفرقوا"، سائلاً "لماذا يتعاون حزب الله مع إيران؟ ولماذا تتعاون سوريا مع العراق؟ ولماذا يتعاون اليمن مع شعوب المنطقة"، معتبراً أنه "أما هم فمن حقهم أن تتعاون أمريكا وإسرائيل ودول الخليج وآخرين من أجل أن يقتلوا الأطفال والشيوخ والنساء، نحن نتعاون من أجل استقلالنا ومن أجل مستقبلنا، ولذا نحن أحق أن نجتمع على حقنا، خيارنا أن نكون في محور المقاومة، فبلدنا يحتاج إلى دعم هذا المحور، وبهذا الدعم حررنا، تحرير لبنان من الاحتلال، وتحرير سوريا والعراق من الإرهاب التكفيري كان بدعم وحضور القيادة في إيران، ومن المهم أن نكون معا فننتصر، من المهم أن نكون معا مع إيران، من المهم أن نكون معا مع الحرس الثوري الإسلامي المبارك، من المهم أن نكون معا كيد واحدة من أجل أن نواجه التحديات، وسننتصر إن شاء الله".

وختم العنوان الثاني بالقول "نحن اليوم في مرحلة صياغة مستقبل المنطقة، وليسوا هم الذين يصوغونها، نحن الذين نصوغها، ونجاحات هذا المحور على ائتلاف الشر الدولي مؤشر على قدرتنا لحماية خياراتنا".

وتطرق قاسم الى العنوان الثالث مشدداً على "ضرورة ترجمة الوحدة بعناوين الوحدة، فلسطين هي عنوان الوحدة الأساس، وعلى أساس أنها قضية مركزية، نحن نرفض التطبيع ونؤيد الوحدة الفلسطينية، ومع استمرار المقاومة وحق العودة، ولا يمكن على الإطلاق أن نقبل بأن تكون إسرائيل هي التي تفوز في نهاية المطاف، فمن كان مع المقاومة ومحورها كان مع الله ومن كان مع الله فسينتصر وكان حقا علينا نصر المؤمنين".