رأى مرجع سياسي في حديث إلى "الأخبار" ان "رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ يواجه عقبات ومآزق، والمأزق الأول يتصل بكون الحريري، عندما خرج من الرياض إلى باريس، كان يعرف الشرط المسبق بعدم تغطية سائر أنشطة ​حزب الله​، وتحديد موقعه من معركة الرياض لإسقاط "الهيمنة ال​إيران​ية" عن لبنان. وإذا كان الجزء الأول عسيراً بالنسبة إلى ميادين سوريا والعراق والتدخل المفترض للحزب في اليمن وسهلاً في ما خص الداخل، فإن الجزء الآخر من المعادلة والمتعلق بأدوار طهران يقارب الاستحالة لأنه متصل بوضع الشرق الأوسط والتعقيدات السياسية والعسكرية والأمنية الناجمة عن الحرب على الإرهاب، وبالتالي لا يمكن لرئيس الحكومة أن يكون مقرراً فيه"، موضحا انه "حتى اللحظة لم تعدل ​السعودية​ قيد أنملة في موقفها من العناوين الخلافية. وقد أصر ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلته الأخيرة مع "نيويورك تايمز" على أن "الحريري السني لن يواصل منح الغطاء لحكومة يسيطر عليها حزب الله". وهذا العنوان، على بساطته السياسية، مضافاً إليه تشبيه ابن سلمان لمرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي بـ "هتلر" الشرق الأوسط، يؤكدان أن الرياض ماضية قدماً في تصعيدها، ولا تعتبر نفسها معنية بالاتفاق الذي يحكى أنه تم بين الرئيسين الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ والإيراني ​حسن روحاني​ لإخراج الحريري مقابل البحث في الوضع اللبناني، على رغم أنه حاز على موافقة ابن سلمان الذي ترك للحريري حرية القرار".

ولفت إلى ان "الحريري يبذل ما في وسعه ويلاقيه الرئيس ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ وحزب الله بـ"تعاون استثنائي". لكنه، حتى الآن، لم يتلقَّ أيّ اتصال من الرياض يساعده على بلورة خارطة طريق للعودة عن الاستقالة والخروج من دائرة التريث، الأمر الذي زاد الوضع غموضاً بالنسبة إليه، وفسّره بعض مساعديه على أنه تمسّك من السعودية بقرار الاشتباك مع إيران عبر لبنان"، مشيرا إلى انه "لا يزال اهتمام الحريري منصبّاً على مراجعة علاقته مع حزبي ​القوات اللبنانية​ و​الكتائب​ كحليفين سابقين له، وحاليين بالنسبة إلى السعودية. ومقاربة هذه المراجعة تتسم بحذر شديد قبل اتخاذ أيّ قرار لأنه لا يمكنه الاصطدام مع النائب سامي الجميل والدكتور سمير جعجع اللذين أقنعا الرياض بأنهما الأقرب إليها والأكثر تماسكاً في مواجهة حزب الله، وسارعا الى اعتبار استقالته نافذة دستورياً غير آبهين بأي شيء".

وأضاف "الحريري يعرف جيداً أنه لا يمكنه خوض الانتخابات النيابية المقبلة من دون دعم السعودية المالي. وإذا كان قد حاز عاطفةً خلال محنته فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنها ستعبر عن نفسها تأييداً في صندوق الاقتراع لأسباب بعضها متصل بتركيبة تيار "المستقبل" التنظيمية وضعف أدائه السياسي والإعلامي، وبعضها الآخر مرتبط بشح الموارد والامتناع عن تقديم أية خدمات صحية واجتماعية، فضلاً عن أنه لم يستطع حتى الآن سداد مستحقات ورواتب وتعويضات من صرفوا قبل عامين".