المقولة الرائجة المنسوبة إلى مؤسس المملكة ​السعودية​ الملك عبد العزيز ​آل سعود​ التي يقول فيها لأولاده في وصيته لهم: «عزّكم في ذلّ ​اليمن​ وذلّكم في عزّ اليمن»، وبمعزل عن صحة صدورها منه أو من غيره، تعكس حال آل سعود مع اليمن وشعبه، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات وحتى اللحظة. هذا المسار التدميري الوحشي واضحةٌ أهدافه، ناصعة مراميه بمنع اليمن أن يكون دولة ذات سيادة. فإما أن يكون تابعاً بالمطلق لسيّده السعودي وإما سيواجه الحرب الشرسة بكلّ أساليبها. كان من الممكن للسعودية مثلاً أن تدخل حواراً مع اليمنيين لإبقاء نفوذها بمعزل عن الحرب وويلاتها ونتائجها المأساوية. كان يمكن أن تلجأ إلى الاحتواء السياسي والدبلوماسي أو تتخذ إجراءات عقابية معهودة بين الدول حفاظاً على مكانتها الإسلامية الرمزية أو التزاماً بوصايا الرسول الأكرم مع الجار المسلم، لكن السعودية لم تفعل ذلك، بل لجأت إلى العدوان والانتقام والحصار بأبشع الوسائل والطرق التي لا يستخدمها إلا المتكبّرون والمتجبّرون والظالمون والفاسدون.

في الانقلاب الأخير الذي قاده الرئيس السابق ​علي عبد الله صالح​ أراد أن يعوّض الوكيل ما عجز عنه الأصيل. وكأنّه لم يكفِ الشعب اليمني النيران والحمم التي تنزل عليه من السماء، فجاءته المؤامرة من الداخل تهديداً للأمن والاستقرار الذي يدفع ثمنه اليمنيون يومياً تضحيات ودماء غزيرة في إطار صفقة تعوّض لا الضمور في القوة السعودية، ولا الفشل في أداء تحالف العدوان العسكري والسياسي، بل الهزيمة النكراء التي لحقت بالسعودية وحلفائها جميعاً، ومرّغت أنوفهم في التراب. أطفال وشباب اليمن الحفاة أنزلوا بهذا التحالف الشيطاني الظالم الهزيمة القاسية بفعل إيمانهم وطيبتهم وأخلاقهم وشهامتهم وصمودهم والتزامهم بالحق. ولأنهم فقراء ومستضعَفون لم يُبالِ بهم أحد من هذا العالم الغني المترف. مئات آلاف الجوعى والعطشى والمرضى والمشرّدين لم تحرك ضمائر ومشاعر الدول الإنسانية . صواريخ تقتل الأطفال، تنزل على رؤوس المصلين في المساجد والأسواق والمدارس، وتقطع الطرق التي يصل من خلالها الغذاء والدواء، لم تدفع الدول الحريصة على حقوق الإنسان للاجتماع، وإيجاد الحلول لوقف الحرب العبثية، بل مارست تضليلاً سياسياً وتعتيماً إعلامياً على المجزرة الكبرى بحق هذا البلد الأصيل!

هكذا أراد آل سعود أن يبقى اليمن ذليلاً مهاناً فقيراً متخلفاً علمياً ودينياً واقتصادياً وسياسياً، ليبقوا هم في موقع الصدارة والزعامة والنفوذ على منطقة شبه الجزيرة العربية، ولكن كما يقول تعالى: «وَمَا تَشَاؤونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ». فالمشيئة ليست بيد آل سعود، وإنما بيد الله الذي يصطفي من عباده الأشراف والمخلصين والمضحّين ليحققوا العزة والكرامة للإنسان. نعم، سقطت السعودية بمؤامرتها الأخيرة في الوحل اليمني وأُرغمت على تجرّع كأس الذلّ، فانقلب السحر على الساحر. وها هو اليمن يخرج من هذا العدوان أصلب عوداً وأقوى وقوداً، معتمداً على الله الذي يرفع من يشاء ويُذلّ من يشاء! الرفعة لليمن وشعبه والخزي لآل سعود وحلفائهم!