عاد رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ بعد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وحضور كل القوى المتمثّلة عن استقالته، وسط اجماع وزاري على بيان تلاه الحريري واكد فيه التزام ​الحكومة اللبنانية​ النأي بالنفس عن الصراعات العربية وعدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية، وكذلك في الصراعات القائمة في المنطقة واحترام ​اتفاق الطائف​ وميثاق ​الجامعة العربية​ وقرارات منظمة ​الامم المتحدة​ .

واللافت بحسب مصادر وزارية ان النائب ستريدا جعجع أعلنت موافقة القوات اللبنانية على ما صدر من قرارت في هذه الجلسة معتبرة ذلك انتصارا لها، في الوقت الذي ما زالت مواقف هذه الكتلة ورئيسها ​سمير جعجع​ ملتبسة حول دوره في الانقلاب الذي كان يُعد لعزل سعد الحريري، مما جعل اللقاء بين الحريري وجعجع يدور في فلك التمنيّات من قبل القوات اللبنانية .

ورأت المصادر ان تريث الحريري بعد عودته من ​فرنسا​ بناء على تمنيات رئيس الجمهورية ومن ثم عودته عن الاستقالة، أجهض عملية انقلابية على الاستقرار في لبنان بفضل مواقف آل الحريري و​كتلة المستقبل​ ومعظم القوى السياسية التي أيّدت رفض رئيس الجمهوريّة قبول استقالة رئيس الحكومة وهو خارج لبنان .

واشارت هذه المصادر الى ان بعض القوى السياسية اللبنانية اعتبرت استقالة الحريري انتكاسة ل​حزب الله​، وطالبت بقبولها وإجراء استشارات نيابية لتشكيل حكومة جديدة، لكن تطور الأحداث والنتيجة التي آلت اليها الامور جعلت هؤلاء يعيدون حساباتهم، حتى ان بعضهم نسي او تناسى مواقفه السابقة .

ولاحظت هذه المصادر ظهور قوى تطالب ​الولايات المتحدة الاميركية​ بتكثيف الجهود الدولية للتصدي لحزب الله، عبر رسم حدود واضحة لهذه الغاية .

واضافت المصادر ان هذه القوى نفسها اعتبرت ان حزب الله شعر باستقالة الحريري انه اكثر عرضة للخطر في غياب الحكومة الحالية، وان موقعه ومؤسساته ستتأثر من الاوضاع التي استجدت .

ولفتت المصادر الى ان المملكة العربية ​السعودية​ كانت تأمل في ان تؤدي استقالة الحريري الى خطوات من شأنها تحويل الوضع الراهن لمصلحتها، وكذلك بأن يَصْب الخطاب الذي أدلت به ادارة الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ مؤخرا والتهديدات الإسرائيلية للحزب في السياق عينه .

ولكن وبحسب المصادر، ما حصل بعد ان تلاشت مفاعيل الاستقالة، هو ان الحزب لعب دورا أساسيا في إنجاح التسوية التي اعادت تفعيل عمل الحكومة اللبنانية وجميع المؤسسات الدستورية، وأحبط كل الخطط التي كانت تحاك ضده وضد لبنان، مشيرة الى ان تلاعب الدول مهما كانت كبيرة او صغيرة بمصير لبنان السياسي، اصبح أمرا صعبا ان لم يكن مستحيلا بوجود رئيس للجمهورية حريص وقد برهنت مواقفه على ذلك، بصون كرامة البلاد واستقرار لبنان، رافضا ان تكون الصراعات الإقليمية والعربية سببا في عودة الاقتتال الداخلي الى لبنان . وشددت المصادر على ان المطلوب اليوم من هذه الحكومة ان تعمل بجد وبشفافية ل​مكافحة الفساد​، واقرار ​الموازنة​ العامة للدولة للسنة المقبلة، وتأمين الحاجات الضرورية للمواطنين من كهرباء وماء وطرقات، وان تبدأ بتنفيذ عمليات التنقيب عن ​النفط​، بغية إنعاش ​الاقتصاد​ وتأمين الامن والاستقرار، وعدم تقديم فرص مجانية للآخرين بالتدخل في الشؤون الداخلية للبنان.

اما في ما خَص المستجدات على الساحة العربية وخاصة في ما يتعلق بنوايا الرئيس الاميركي دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية الى ​القدس​ مع ما يمكن ان يحصل من تداعيات سلبية في المنطقة نتيجة هذا التوجه، فإن لبنان وبحسب المصادر نفسها، سيكون في طليعة ​الدول العربية​ الرافضة لمثل هذا القرار، وسيلتزم بكل القرارات التي يمكن ان تصدر عن الجامعة العربية، ولن يجنح اي فريق لبناني الى السير عكس مواقف الدولة اللبناتية الرسمية، انسجاما مع ما تم الاتفاق حوله في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء .