عادت الحياة الى الحكومة ال​لبنان​ية بعد دخولها بغيبوبة "قصرية" دامت حوالي شهر، وكانت جلستها الثلاثاء الماضي الانطلاقة المتجددة لها بظل الواقع السياسي الجديد الذي ارتسم بعد أزمة رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في ​الرياض​.

لم يعترض أحد داخل ​مجلس الوزراء​ على بيان الحكومة، وتحديدا وزراء القوات اللبنانية الذين لا يستطيعون بحسب مصادر سياسية مطلعة ان يقدّموا أي اعتراض لأنهم يعلمون أن الحريري لن يتمسك بأي منهم في حكومته، لا بل أكثر هو كان طامحا لتغييرهم واخراجهم من مجلس الوزراء بعد ما اعتبره "تورطا" مباشرا من القوات في أزمته بالرياض. وتضيف المصادر عبر "النشرة"، "انتهت أزمة الحريري اليوم ولكن الأزمة السياسية اللبنانية لم تنته بعد نظرا لارتباطها بالملفات الإقليمية المتسارعة من ​سوريا​ مرورا ب​اليمن​، وصولا لما يجري اليوم بالملف الفلسطيني والخطر الكبير الذي يتهدد هذه القضية"، مشددة على أن الجهد الكبير اليوم هو استمرار العمل على تجنيب لبنان ترددات هذه الملفات.

وتشير المصادر الى ان ما صدر عن الحكومة لا يختلف عن البيان الوزاري الذي نالت على اساسه الثقة، وما يجب أن يُقرأ بين سطوره هو أولا التمسك بالتعايش بين اللبنانيين جميعهم، وثانيا هو تفهّم الأطراف ل​حساسية​ مواقف بعضهم البعض وتحالفاتهم، مشددة على أن الحكومة اليوم مدعوة لاستكمال عملها بزخم كبير.

في سياق متصل، ترى مصادر رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ أن عودة الحكومة الى العمل لا يعني انتهاء الأزمات، وبالتالي فإن الحل الكامل للاستقرار السياسي يكون بإجراء الانتخابات النيابية واستمرار الحوار الذي أثبت فعاليته بمعالجة الأزمات وكانت نتائجه مدهشة، اذ رغم ما يحكى عن دعم دولي لحل أزمة الحريري، كانت تحركات رئيسا الجمهورية و​المجلس النيابي​ أساسية في الحفاظ على الوحدة والاستقرار. وتتابع، "الانتخابات النيابية هي الأمر الوحيد الذي ينتج نظاما سياسيا جديدا يرضي الجميع، اذ من بعدها لا يمكن الحديث عن مجلس نيابي ممدد له او غير ممدد ولا يمكن التطرق للعبة الأحجام، اذ ان القانون النسبي سيعطي كل ذي حجم حجمه، وعندها سنكون قد دخلنا بما أسماه البعض مرحلة العهد الجديد".

وتضيف، "طرح بري فكرة تقريب موعد الانتخابات النيابية، ومن بعدها حصلت أزمة الحريري فأصبح ملف الانتخابات خلف الاولويات الاساسية، اما اليوم وقد عادت مياه الحكومة الى مجاريها، فسيعود البحث بفكرة تقريب موعد الانتخابات النيابية بعد أن تم الاتفاق على مبدأ إجرائها في موعدها"، مشيرة الى أن هذا الطرح بحاجة لتوافق الجميع قبل السير به، الأمر الذي لا يعتبر بعيدا بعد تبدل المزاجات السياسية لعدد من الأفرقاء، كاشفة أن الاتفاق على تقريب موعد الانتخابات 60 يوما لم يتم بعد.

بعد رسم معالم طريق الاستقرار السياسي، تلفت المصادر المقربة من بري النظر الى أنه كما الانتخابات والحوار هما المدخل للاستقرار السياسي فإن "النفط" هو المدخل الأساسي للاستقرار الاقتصادي، اذ انه الامل الوحيد للبنان للخروج من ازمة ​الدين العام​ و​البطالة​، وبالتالي لا بد من تحمل الحكومة لمسؤولياتها في هذا الملف والعمل به كأولوية عاجلة في الأيام المقبلة، فمن غير المقبول أن يستمر التأخير في ​ملف النفط​.

كثيرة هي الملفات المهمة التي تنتظر الحكومة في الأيام المقبلة وإن كان ملف الانتخابات النيابية والنفط هما الأبرز، خصوصا وأن استكمال التعيينات في منصب ​المدراء العامين​ لا يزال ينتظر أيضًا.