نجحت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، التي عقدت في القصر الجمهوري يوم أمس، في طي صفحة الإستقالة الملتبسة التي كان قد تقدم بها رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ من العاصمة ​السعودية​ ​الرياض​، من دون أن يتطرق البيان الذي تلاه بعد الجلسة إلى الظروف التي كان يعيشها في المملكة، قبل أن تنجح الوساطة الفرنسية في إخراجه من السعوديّة، تمهيداً لعودته إلى لبنان بعد المرور ب​فرنسا​ ومصر وقبرص، بالرغم من كل السيناريوهات التي تناولتها.

وفي حين من غير المرجح أن يخرج رئيس الحكومة، في المرحلة المقبلة، للحديث عن تلك الظروف بشكل علني، بالرغم من أن طرح مبايعة شقيقه بهاء بات محسوماً، بعد أن أكد رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ المعلومات عن لقاء جمعه مع أمين سر ​بهاء الحريري​ صافي كالو، عرض فيه الأخير هذا الأمر على "زعيم المختارة"، هنالك حقائق باتت مسجلة في الوثائق الرسمية اللبنانية، أي محضر جلسة مجلس الوزراء، الّذي تبنى رواية إحتجاز رئيس الحكومة بالسعودية في الفترة السابقة، الأمر الذي لا يمكن تجاهله على الإطلاق رغم الإصرار اللبناني الرسمي على تجاوز ما حصل.

في هذا السياق، تنقل مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ أكد، خلال ​جلسة الحكومة​، أن الحريري كان محتجزاً في الرياض، لافتاً إلى أن التحرّك الدبلوماسي بُنيَ على هذا الأساس بعد التأكد من عدم حريته، مشيراً إلى دور بارز كان لكل من فرنسا و​إيطاليا​ و​الولايات المتحدة​ في معالجة الأزمة.

وأوضح الرئيس عون أن روما قامت، بالإضافة إلى باريس، بعملية دبلوماسية واسعة تجاه الدول الأوروبية، مؤكداً أن هذه الدول الثلاث (الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، ساعدت ​الحكومة اللبنانية​ في توجّهها وتبنّت موقف رئيس الجمهورية، بعد أن أيقنت أن الحريري كان محتجزًا، كما اعتبرت أن ما حصل سابقة خطيرة لا يمكن السكوت عنها وتركها تمر بسهولة، لا سيما أن سعد الحريري هو رئيس لحكومة دولة ذات سيادة تحتجزه دولة أخرى، ما شكل عامل ضغط كبير دفع الرياض إلى الإفراج عنه.

وتلفت هذه المصادر إلى أن هذا الكلام، الذي قاله الرئيس عون وفصّله في بداية جلسة مجلس الوزراء، سُجّل في المحضر الرسمي ولم يبدِ رئيس الحكومة أي إعتراض عليه، كما لم يعط أي إشارة توحي بأنه غير دقيق، ما يعني أنه يوافق على توصيف "الإحتجاز" الذي تبناه رئيس الجمهورية.

في المقابل، تكشف المصادر نفسها أن الحريري تحدث خلال الجلسة عن نقطتين أساسيتين للعودة عن الإستقالة، الأولى تتعلق بأن النأي بالنفس لا يجب أن يكون بإتجاه واحد، أي أن ليس المطلوب فقط من "​حزب الله​" الإبتعاد عن الحروب العربيّة، بل هو أيضاً مطالب بأن ينأى بنفسه عن الوضع السوري (أي تياره السياسي)، أما النقطة الثانية فهي قوله: "أنا على سبيل المثال قد أكون محكوماً بالإعدام في ​سوريا​ على غرار تصنيف حزب الله منظمة إرهابية في بعض ​الدول العربية​".

في المحصلة، تتحضر الحكومة اللبنانية لإنطلاقة جديدة بعد عودة رئيسها عن إستقالته، لكن الأكيد أن الأيام المقبلة ستكشف المزيد من التفاصيل عما حصل معه خلال فترة إحتجازه بالرياض، لا سيما في ظل المعلومات عن أن الحريري يتحضر لإعادة ترتيب بيته الداخلي أيضاً.