في المضمون، خصصت ​القوات اللبنانية​ ​القدس​ بكلمتين خلال الجلسة النيابية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ لمناقشة إعلان الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ القدس عاصمة ل​إسرائيل​، كلمة للنائب ​ستريدا جعجع​ وكلمة أخرى للنائب ​جورج عدوان​، أما في الشكل، فبدت وكأنها تريد الإستفادة من الجلسة، لتوجيه الرسائل السياسية الى حلفاء الأمس، والتوجّه للرأي العام الذي يتابع وقائع الجلسة مباشرة على الهواء، بأن أزمة إستقالة ​سعد الحريري​ لم تغيّر شيئاً على صعيد علاقة القوات ب​تيار المستقبل​ وب​التيار الوطني الحر​.

فبالنسبة الى تيار المستقبل، كان لافتاً جداً أثناء دخول النائب ستريدا جعجع الى قاعة الهيئة العامة، كيف أنها وقبل التوجه الى مقعدها، إختارت من بين جميع النواب والوزراء، وزير الثقافة ​غطاس خوري​ لمصافحته وتبادل القبلات معه ما دفع عدداً من الحاضرين الى طرح السؤال، هل أرادت جعجع من هذا السلام الإستثنائي الرد بإيجابية على قول خوري منذ حوالى أسبوع، لا نستطيع أن نؤكد أو ننفي تورط القوات بأزمة إستقالة الحريري، الأمر الذي وضع القوات في خانة المشكوك بأمرهم بالتورط فيما دبرته المملكة العربية ​السعودية​ لرئيس حكومة لبنان.

إستفادة القوات من الجلسة لتوجيه الرسائل السياسية لم تقتصر فقط على تيار المستقبل، بل إنسحبت أيضاً على التيار الوطني الحر، وفي هذا السياق، لوحظ كيف إستطردت النائب جعجع في معرض إستشهادها بأغاني السيدة فيروز والأخوين رحباني الخاصة بالقدس، قائلة "لقد سبقنا على التذكير بهذه الأغاني الزميل ​ابراهيم كنعان​ وهيدا بيدل إنو القلوب على بعضا". لم تكتفِ جعجع بهذه الرسالة الى التيار الوطني الحر، بل نزلت عن المنبر وتوجهت الى النائب كنعان وكان سلام وقبلات بينهما، هامسة في أذنه "نكاية بيلّي ما بدن يانا نتفاهم، تفاهم معراب قائم".

هذا الكلام القواتي المعسول للتيار الوطني الحر، لم تفسره أوساط التيار إلا رداً على الهجوم العنيف الذي شنه رئيس التيار وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ على القوات اللبنانية متهماً إياها بالإنقلاب على التفاهم وعلى العهد الرئاسي، خصوصاً أن المدة الزمنية الفاصلة بين هجوم باسيل وكلام ستريدا خلال الجلسة النيابية، لا تزيد عن ٤٨ ساعة فقط. أوساط التيار علقت على كلام النائب جعجع بالقول، "إذا كنت تعتقدون أنكم بكلام معسول كهذا لنائب في التكتل تستطيعون دقّ الإسفين بين رئيس التيار الوطني الحر والنائب كنعان، روحوا خيّطوا بغير هالمسلّة، لأن تفاهم معراب ليس بألف خير لا بل يمر بحالة من التخبّط، وإذا لم تقم القوات بالمراجعة التي تحدّث عنها الوزير باسيل في حلقته التلفزيونية، وإذا لم تجر التعديلات اللازمة على طريقة تعاطيها مع العهد والحكومة ووزراء التيار في الحكومة، فالتفاهم سيصبح شيئاً من الماضي، مهما حاول البعض تصوير المشهد عكس ذلك".

من جلسة لدعم القدس، أرادت القوّات تحويلها مناسبة لبعث الرسائل الإيجابية في إتجاه الرابية وبيت الوسط. هي واحدة من سلسلة محاولات ستقوم بها قيادة القوات لإعادة وصل ما إنقطع مع التيارين الأزرق والبرتقالي، كل ذلك قبل أيار ٢٠١٨، وقبل فتح صناديق الإقتراع وإضطرارها الى خوضها المعركة وحيدةً.