تزامناً مع ذكرى المولد النبوي الشريف وقبل أيام قليلة من ذكرى ميلاد السيد المسيح، وجه الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ رسالة مزدوجة لكل من المسلمين والمسيحيين في ​العالم العربي​ من خلال سلسلة اتصالات هاتفية مع ملوك وأمراء ورؤساء معظم الدول العربية وذلك لإبلاغهم مضمون الرسالة الأميركية المزدوجة التي جاء فيها: أيها العرب نحن في أميركا ونزولاً عند رغبتكم وبناء على التنسيق والاتفاق المسبق بينكم وبين حليفنا المشترك ​إسرائيل​ وتنفيذاً لطلبكم الملحاح قررنا المباشرة بتنفيذ اتفاقنا نحن وأنتم وإسرائيل حسب الآتي:

قررنا ممارسة اغتصاب ما تبقى من أرض وحقوق الشعب ال​فلسطين​ي وإعطاء إسرائيل رخصة القتل والسحل بحق الفلسطينيين من دون وازع ولا رادع ومصادرة أملاكهم وتهديم منازلهم وتهجيرهم إلى سيناء أو الأردن وتوطينهم حيث هم في مخيمات الشتات.

أيها العرب ممنوع عليكم تقديم أي شكوى لأي جهة عربية أو دولية أو حتى اللجوء إلى ​الأمم المتحدة​ لاستصدار قرار فيه إدانة لإسرائيل وممنوع عليكم الاجتماع وإذا ما اجتمعتم فممنوع إطلاق المواقف الشاجبة المستنكرة.

أيها العرب ممنوع الإتيان على ذكر مقررات الأمم المتحدة 181، 194، 242، 338 التي أثبتت عروبة القدس وحق الفلسطينيين والعرب بالقدس، وأن إسرائيل احتلت ​مدينة القدس​ في العام 1967 وممنوع عليكم استنكار عملية ​الاستيطان​ والتهويد المتواصلة لمدينة القدس.

أيها العرب لا حق للمسلمين أو للمسيحيين من العرب في القدس أو في المقدسات المزعومة لأنها من نسج الخيال وتزوير للتاريخ اليهودي.

أيها العرب إننا في أميركا وحسب اتفاقنا معكم نعلن اعترافنا بالقدس عاصمة إسرائيل وعليكم كم أفواهكم وممنوع عليكم إغلاق سفاراتنا وإغلاق سفارات ومكاتب إسرائيل في بلادكم وسحب سفرائكم وبعثاتكم من بلادنا، وعليكم الإعلان عن فضيحتكم بتحالفكم مع إسرائيل وألا تحسبوا أي حساب لشعوبكم.

أيها العرب نحن في أميركا وإسرائيل قررنا طمس ​القضية الفلسطينية​ وهضم الحقوق الفلسطينية والعربية ونهب أموالكم وثرواتكم وتفريغ خزائنكم وهتك حرماتكم وتقسيم بلادكم وتغذية الحروب فيها وتغيير ميثاقكم وإبدال صفحات كتب ديانتكم ووجهة عدائكم باتجاه إسرائيل لتصبح نحو إيران وسورية العروبة و​حزب الله​، ولكل الدول والحركات المقاومة لإسرائيل الرافضة لاتفاقنا معكم، وإبقاءكم في عداد الشعوب والقبائل والإثنيات المتخلفة التي لا تفقه إلا لغة السبي والقتل والذبح والعبودية والغزو المتبادل وجني غنائم حرب مذاهب وقبائل متقاتلة بين سني وشيعي.

أيها العرب نحن قررنا تنفيذ صفقة العصر بينكم وبين إسرائيل وتوجيه صفعة العصر لكم، وعليكم تسعير خدكم ووجهكم وظهركم والكشف عن قفاكم والإعلان عن تقديم الولاء والطاعة وعن موافقتكم التامة، وتبني كل ما تواطأتم واتفقتا بشأنه بيننا وبينكم وبين إسرائيل، ويجب عليكم العمل على احتواء ردود الفعل والمساهمة الفعالة بالقمع وكم الأفواه وحجب الرؤية عن الشعب العربي وعن الشرفاء منهم ممن تمسك بهوية القدس العربية وبهويته وبعروبته وانتمائه لفلسطين، ويفرض عليكم منع وسائل الإعلام من انتقاد قرارنا وأن عليكم الاعتراف بالقدس عاصمة دولة إسرائيل بالتكافل والتضامن مع حليفتنا إسرائيل.

أما بعد، فجواب الحكام العرب جاء مشجعاً ومؤيداً ومذيلاً ببصمات الأصابع العشر وبتوقيع رسمي تعبيراً عن السمع والطاعة العربية للمعلم الأميركي.

أما نحن أحرار الأمة العربية نقول: شكراً دونالد ترامب لأنك كشفت عن الوجوه العربية الغادرة وأسقطت عنها الأقنعة الزائفة وأضحى أهل داء الوهن العربي مكشوفين أمام شعوبهم الشريفة التي لا تؤيد مبدأ الاستسلام المذل مع عدو الأمة العربية، وما نطق به وزير السلطة الفلسطينية رياض المالكي معرباً عن إصرار السلطة بالانخراط في عملية الاستسلام المذل مع الإسرائيلي هو دليل ساطع على انفصال السلطة عن إرادة ​الشعب الفلسطيني​.

لقد سقطت كل فرص الاستسلام المزعوم مع العدو الإسرائيلي إلى غير رجعة ولم يعد بالإمكان معاكسة رغبة الشعب العربي والفلسطيني المتمسك بمبدأ مقاومة العدو الإسرائيلي حتى تحرير كامل فلسطين.

ومنذ اتفاقية سيناء الثانية مع جمهورية مصر، والعرب بانحدار وهوان، مررواً باتفاق أوسلو ووادي عربة وصولاً إلى «ربيع عربي» مزيف كان ولم يزل الهدف منه تغييب القرار العربي ومحاربة كل النظم العربية والحركات المقاومة للعدو الإسرائيلي، المتمسكة بفلسطين العربية وذلك بواسطة مجموعات إرهابية ممولة بأموال تفوح منها رائحة النفط الخليجي.

وهنا نسأل لو كانت سورية العروبة بكامل صحتها فهل كان لترامب الجرأة الكافية لإطلاق قراره بشأن القدس؟ وهنا يتكشف لنا أن قرار ضرب سورية لم يكن عن عبث، بيد أن ضرب سورية هدف إلى تحطيم الصخرة التي تحتمي بها فلسطين.

إن تواطؤ وتخاذل وهوان الأنظمة العربية الخليجية وجنوحها نحو التطبيع مع العدو الإسرائيلي أسهم في تشجيع ترامب على اتخاذ قرار تصفية القضية الفلسطينية في وقت بدأت فيه سورية بتلمس طريق النصر والخروج من سنوات الحرب العجاف معافاة وأقوى من ذي قبل.

نقول: إن القرار الأميركي ليس نهاية القضية، بيد أن قرار ترامب هو فرصة حقيقية أمام شرفاء الأمة والقابضين على الجمر لإعادة صياغة تاريخ أمتنا العربية من جديد وإجراء مكاشفة شاملة للاستفادة من أخطاء تاريخ عربي مظلم وذلك للانطلاق نحو إرادة الشعوب الحقيقية والدعوة للانفصال عن إرادة الحكام والأنظمة العربية الغارقة بثبات على عبادة الذل والهوان وسياسة طأطأة الرؤوس، وإذا ما نجحنا بذلك فسينصفنا التاريخ لأننا بذلك نكون قد أفسحنا للشعب وللأجيال العربية الفرصة لأن يكيلوا الصاع صاعين ورد صفعة القرن صفعتين وأن يعيدوا لنا وللأجيال القادمة كرامة عربية افتقدناها.