شكر الأمين العام لـ"​حزب الله​" السيد حسن نصرالله، في كلمة له خلال تظاهرة تضامنية مع ​القدس​ في ​الضاحية الجنوبية​، المشاركين على "هذا الحضور الكبير وهذا التضامن العظيم، وأنتم أهل المقاومة والوفاء، أنتم الذين كنتم وما زلتم تملؤون الميادين والساحات، فالسلام عليكم يا أشرف الناس وأكرم الناس"، مشدّداً على أنّ "أنكم الّذين كنتم قبل أسابيع قليلة وفي هذه المنطقة بالتحديد مع سيدكم أبي عبدالله الحسين، تعلنون التزامكم ب​فلسطين​ والقدس والدفاع عن المقدسات. قلتم له في اليوم العاشر، واليوم مجدّداً أمام العدوان الأميركي الصهيوني السافر على القدس والمقدسات وعلى الأمة كلها، نجدّد موقفنا والتزامنا حتّى النصر أو الشهادة، ليسمع العالم كلّه ما قلناه قبل أسابيع "ما تركت يا حسين"".

وأشار السيد نصر الله إلى أنّ "الحسين عنوان المظلومين وعنوان دين السماء الّذي يعتدى عليه ومقدسات الأرض الّتي يعتدى عليها"، مرحبا بـ"كلّ من شارك بهذه التظاهرة الجماهيرية من الأحزاب والتيارات، وأخصّ بالذكر الاخوة والاخوات في حركة "أمل" وأهلنا في المخيمات الفلسطينينة، الّذين يتمسّكون بحقّ العودة، ويرفضون ​التوطين​ والوطن البديل ويربّون الأولاد والأحفاد على حلم العودة إلى فلسطين. هذا الحلم سيحقّق قريباً، وقريباً جدّاً".

وتوجه بتحية "التقدير والتعظيم والإكبار للشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة في غزة والضفة والقدس واراضي 48 وبيت المقدس، على وقفتهم التاريخية والحركة السريعة منذ الساعات الاولى لقرار العدوان الاميركي الذي أعلنه الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​"، لافتاً إلى أنّ "هذا الشعب الصامد المضحي يواجه اليوم بصدره، بالحجارة وبالسكين هذا العدوان، ليدافع عن القدس ومقدسات الامة كلها، مقدسات المسلمين والمسيحيين في العالم. له منا كل التحية والتقدير والاجلال والانحناء باحترام".

وركّز نصر الله، على أنّه "يجب أن نقدر جميع المواقف التي صدرت، رافضة لهذا العدوان على القدس و​القضية الفلسطينية​. ونقدر مواقف جميع الدول والرؤساء والحكومات والّتي رفضت قرار ترامب ولم تستجب له. هذا أمر مهم يجب أن ينتبه اليه من يخوض المواجهة"، منوّهاً إلى أنّ "ترامب تصور أنه عندما يعلن اعترافه بالقدس عاصمة لاسرائيل وبكل عنجهية واستكبار، أنه سيخضع له العالم وستتسابق عواصم العالم من اوروبا الى ​الصين​ والعالمين العربي والاسلامي وكندا واستراليا، لتلحق به. لكنه بدا غريبا وحيدا معزولا معه فقط اسرائيل"، مؤكّدا أنّ "هذا الامر مهم ويجب البناء عليه وأن تعمل الحكومات العربية والاسلامية على تحصين مواقف الدول الرافضة لهذا الاعتراف".

وشدّد على أنّه "يجب أن نقدر المواقف التاريخية لكل المرجعيات الدينية الاسلامية، السنية والشيعية، إلى المرجعيات الدينية المسيحية على اختلافها وخصوصا في مشرقنا العربي. ويجب أن نقدر كل التحركات الشعبية بأشكالها المختلفة، الاعلامية، الاعتصامات، والتظاهرات، وخصوصا التظاهرات التي خرجت في مدن كثيرة وعبرت فيها الجماهير عن غضبها وادانتها لهذا العدوان والتزامها بقضية القدس وفلسطين".

وبيّن نصر الله "أنّني أخاطبكم أنتم الذين تتظاهرون اليوم في الضاحية وكل الذين تظاهروا وكل الشعوب العربية والاسلامية والجاليات في العالم، أقول أن تظاهركم اليوم على درجة عالية من الاهمية في سياق المواجهة القائمة مع العدوان. اعرفوا قيمة حضوركم في الميادين والساحات وعلى مواقع التواصل، لان الرهان كان أنكم نستيم وتعبتم"، لافتاً إلى أنّ "الإحتضان الشعبي الذي يعبر عنه، يشكل دعما معنويا كبيرا جدا للمقاومين والمنتفضين. كل تظاهرة أو اعتصام أو احتشاد كان يحصل في اي مكان في العالم، كان يزيدنا قوة ويشعرنا أننا لسنا وحدنا. الشعب الفسلطيني بحاجة الى هذا الحضور الجماهيري والشعبي، والتظاهرات اليوم تشكل البيئة الحاضنة في مواجهة العدوان".

وتوجّه إلى الذين تظاهروا، بالقول "كل الشكر والدعوة لمواصلة التحدي، وهذا شكل من اشكال المواجهة. اليوم قد نشهد بعض الخروقات كما حصل في الوفد ​البحرين​ي، هذا الوفد لا يمثل شعب البحرين ولا ارادة البحرين، بل يمثل السلطة الغاشمة التي ارسلته وحملته برسالة الملك حول السلام والتسامح والعيش المشترك مع الذين يهودون القدس"، مشيراً إلى أنّ "هذا لا يعبر عن شعب البحرين، الشعب خرج في تظاهرات للتعبير عن تضامنه مع القدس وأُطلق عليه الرصاص وقُمع. هذه فضيحة للسطلة التي تقمع الشعب وتمنعه من التظاهر لاجل فلسطين وترسل وفدا للتطبيع مع العدو".

وأوضح نصر الله أنّ "من فائدة القرار الاميركي أن يميز الخبيث من الطيب على امتداد ​العالم العربي​ والاسلامي"، مركّزاً على أنّ "هناك شعبين خرجا وواجها الرصاص، الشعب الفسلطيني واليمني الذي خرج في ​صنعاء​ وصعدة بمئات الالاف، بهاتين المدينتين اللتين تقصفان من قبل سلاح الجو التابع للعدوان السعودي الاميركي، وهذا يؤكد اصالة الشعب الاميركي"، مشدّداً على "أنّنا في ​لبنان​ اليوم نفتخر باجماعنا الوطني حول القدس وحول فلسطين، وحول الموقف من قرار ترامب المدان والمستنكر من قبل جميع اللبنانيين، والمواقف التي أعلنت من قبل رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ والكتل النيابية والنواب ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ومختلف القوى السياسية والمكونات الشعبية، وصولا الى الخطاب المميز لوزير الخارجية ​جبران باسيل​ في اجتماع الدول العربية في ​القاهرة​".

وأكّد "أنّنا نجدّد العهد أن نبقى مع فلسطين والقدس ومع المقدسات الاسلامية والمسيحية"، لافتاً إلى "أنّنا نشهد اليوم انتفاضة حقيقية في الروح والفكر والموقف والارادة والميدان والشارع، فيها مسلمون ومسيحيون يتضامنون للدفاع عن المقدسات"، موضحاً أنّ "في اليوم الثلني لقرار ترامب، اجتمعت حكومة العدو وأعلنت بناء 14 ألف وحدة سكنية وتغيير الاسماء العربية للشوارع، هذا القرار الاميركي يجب أن نعرف أنه جاء في سياق وليس معزولا. فعندما نعود الى ما قبله سنفهم ماذا جرى في منطقتنا خلال السنوات الماضية، عندما كنا نتحدث عن المشروع الاميركي الصهيوني في تدمير دولنا وشعوبنا وجيوشنا"، مذكّراً أنّ "عام 2011 قلنا لكم أن ​أميركا​ التي تدعم الجمعات الارهابية وفي مقدمها داعش، وهدفها تدمير مجتمعاتنا وتصفية القضية الفلسطينية حتى يأتي يوم ينسى فيه الناس فلسطين. لكن ستخيب آمالهم. وهذه الخطوة لها ما بعدها، الاميركيون سيقولون أن القدس خارج البحث ويجب اكمال التوسية في المشروع الاميركي الاسرائيلي".

وشدّد نصرالله، على أنّ "على الامة جمعاء مواجهة المشروع الاميركي، والمسؤولية لا تقع فقط على الشعب الفسلطيني. اذا رفضتم الخضوع للاملاءات الاميركية وبعض العربية، اذا لم توقعوا على اي مشروع واصريتم على القدس عاصمة أبدية لفلسطين ورفضتم كل عائلة "أبو ديس"، اذا رفضتم ذلك لا ترامب ولا كل العالم سينتزع المقدسات والقدس. أنتم الأساس في أي موقف"، مشيراً إلى أنّه "إذا تخليتم، سيقال لكل من يريد أن يقف من أجل القدس، هل تريد أن تكون فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين؟ موقفكم يا شعب فلسطين هو المفتاح لكل المرحلة التاريخية المقبلة وعليكم الرهان وكلنا معنيين أي نكون معكم".

وركّز على أنّ "بعد قرار ترامب على كل أولئك الّذي كانوا مازالوا يراهنون على أميركا وعلى تدخل أميركي لمصلحة الفسلطينيين، تمت الحجة على الذين سلكوا طريق المفاوضات العقيم"، مؤكّداً أنّ "أميركا ليست راعية سلام في فلسطين والمنطقة، أميركا صانعة اسرائيل وراعية الارهاب والاحتلال والتهويد والتهجير والاحراق والتدمير والفتن. أميركا صانعة داعش و​الجماعات التكفيرية​، وموقف الامة الوحدي يجب أن يكون الموت لاميركا"، جازماً أنّه "يجب أن تتركز كل الجهود والضغوط بخط عريض على عزل الكيان الصهيوني مجددا. احاول أن أذهب الى نقاط واقعية ليس المهم أن نرفع الشعارات".

وأشار نصر الله إلى أنّ "من أهم الردود على قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، هو العودة الى عزل هذا الكيان بالكامل عبر الضغط الشعبي والجماهيري وفي المجالس النيابية والحكومات والانظمة ومواقع التواصل وعلى بعض النخب المستسلمة، ويجب الضغط على الحكومات لقطع العلاقات واغلاق السفارات الاسرائيلية، ومنع أي شل من اشكال التطبيع وتفعيل عمل المقاطعة".

وتوجّه إلى أهل القدس وفلسطين قائلاً "أي وفد يأتي مطبعا أطروده واضربوه بالنعال وارجموه بالحجارة، لانه لا يمثل شعبه، ويجب أن تحاسبه حكومته. الضغط السياسي لعزل اسرائيل هو اهم خطوة مطلوبة من السلطة الفلسطينية. قولوا لهم انتهينا من عملية التفاوض والتسوية ما لم يعود ترامب عن قراره هذا"، مركّزاً على أنّه "يجب أن تعلن ​جامعة الدول العربية​ وقمة التعاون الاسلامي وقف عملية السلام. كما يجب أن يكون الرد على قرار ترامب انتفاضة"، منوّهاً إلى أنّ "الفلسطينيين دائما كانوا السباقين في المقاومة والمواجهة الشعبية والانتفاضة ومعليمن كبار. الفلسطينيون هم الذين يقررون ما يجب عليهم أن يفعلوا".

وأكّد نصر الله أنّ "أهمّ ردّ على قرار ترامب العدواني هو إعلان انتفاضة فلسطينية ثالثة. وعلى كلّ العالم العربي والإسلامي أن يساندهم"، مبيّناً أنّ "دول محور المقاومة تخرج من محنة السنوات الماضية بالرغم من الجراح والآلام، تخرج منتصرة قوية وصلبة. هذا المحور يلحق الهزيمة بكلّ الأدوات التكفيرية، واليوم محور المقاومة سيعود ليكون أولوية اهتمامه وليعطي كلّ وقته للقدس وفلسطين".

ودعا جميع فصائل المقاومة في المنطقة وكلّ الّذين يؤمنون بالمقاومة لـ"التواصل والتلاقي لوضع موقف لمواجهة العدوان لنستعيد القدس ولتبقى القضية، لوضع استراتيجية موحّدة للمزاجهة، لنواجه جميعاً باستراتيجية واحدة وواضحة ولوضع خطّة ميدانيّة وعملانيّة متكاملة تتوزّع فيها الأدوار وتتكامل الجهود في هذه المواجهة الكبرى"، جازماً "أنّنا في "حزب الله" سنقوم بمسؤولياتنا كاملة في هذا المجال"، مشدّداً على أنّه "يجب أن تثقوا بربكم وبوعد الله "ان تنصروا الله ينصركم"، ان نصرنا الله بحضورنا ووحدتنا وتلاقينا وتحملنا المسؤولية وعدم خوفنا وتراجعنا، الله ينصرنا. ثقوا بربكم وأمتكم وبحركات المقاومة وبمحور المقاومة الّذي نقل الأمة من عصر الهزائم الى عصر الانتصارات".

ونوّه نصر الله إلى "أنّهم أرادوا لهذا القرار أن يكون بداية النهاية للقدس وللقضية الفلسطينية. لنجعل القرار الأميركي الأحمق الغاشم بداية النهاية لهذا الكيان الغاصب إلى الأبد، وليكون شعارنا الموت ل​إسرائيل​"، مشيراً إلى أنّه "يجب أن نحوّل الخطر إلى إنجاز، وهذه الهزيمة الدبلوماسية للحكومات العربية أن نحوّلها إلى انتصار لفلسطين وللمقدسات"، موضحاً انّ "رئيس الوزراء الإسارئيلي ​بنيامين نتانياهو​ أطلق من ​باريس​ تهديدات للمقاومة وللبنانيين وأنا لن أردّ عليه"، مؤكّداً أنّ "المسار يجب أن يبقى للقدس، العاصمة الأبدية الّتي لن نتخلّى عنها، القدس الّتي يقول عنها الشعب الفسلطيني "للقدس رايحيين شهداء بالملايين"".

ولفت إلى أنّ "بكلّ ثقة ويقين أقول لكم قرار ترامب سيكون بداية النهاية لإسرائيل. هذه وقفتنا وهذا موقفنا والتزامنا وإلى الأبد. نحن في لبنان بلد المقاومة وبلد التضحيات والشهداء وبلد الإنتصارات، بقينا مع فلسطين وسنبقى حتّى يصلّي المسلمون في ​المسجد الأقصى​ والمسحيون في ​كنيسة القيامة​، ولن نترك فلسطين والقدس والمسجد الأقصى لأنّه يمثّل العنوان الّذي استشهد من أجله الحسين".