رأت مصادر رسمية ​لبنان​ية أن ما حصل خلال التظاهرة امام السفارة الاميركية في عوكر الأحد الماضي من اعمال عنف، احتجاجا على قرار الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​ اعتبار ​القدس​ عاصمة الدولة اليهودية، وخاصة مشهد احد المتظاهرين يعبث في شجرة الميلاد الى جانب الاعتداء على القوى الامنية، امر مشين وغير مقبول ويستوجب معاقبة الغوغائيين الذين لجأوا الى هذا الأسلوب، وكذلك ملاحقة اي جهة او اي حزب ينتمي اليه هؤلاء.

في المقابل وبحسب المصادر نفسها، لا يجوز ان تطغى هذه الاعمال المستنكرة، على موقف لبنان الرسمي والشعبي والروحي من ​القضية الفلسطينية​، والتي عبر عنها وزير الخارجية اللبناني ​جبران باسيل​ في مؤتمر مجلس وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة السبت الماضي، ومن المتوقع ان يكرره غدا الاربعاء في إسطنبول رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ الزعيم المسيحي الوحيد الذي سيحضر مؤتمر الدول الاسلامية الذي دعت اليه ​تركيا​ لاتخاذ الإجراءات الآيلة الى مواجهة القرار الاميركي .

وتوقعت المصادر ان تقرر هذه الدول تقديم شكوى الى ​مجلس الامن الدولي​ بهدف تصويب الازمة ووضعها في إطارها الصحيح، اي التصويت على قرار بأن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية، وان يحول الفيتو الاميركي دون التزام هذه المنظمة به، وان ينتقل الملف الى الهيئة العامة للأمم المتحدة التي ستقره بغالبية واضحة، نظرا لمواقف أغلبية المنظمة الدولية مع هذا التوجه، وان كانت الدول الأوروبية ما زالت تعتبر ان القدس الشرقية يجب ان تكون عاصمة الدولة الفلسطينية، مقابل القدس الغربية عاصمة ل​اسرائيل​.

واشارت المصادر الى ان مثل هذا القرار لن يبدل شيئا على ارض الواقع وان الأساس هو موازين القوى داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة .

واعتبرت ان وحدة القرار الفلسطيني الذي لا يزال ضبابيا حتى الان لمواجهة هذا الخطر الوجودي، ستحدد مسار المواجهة مع واشنطن وإسرائيل، بمعنى اذا حصل تفاهم بين القوى الفلسطينية في غزة ومنظمة التحرير على توحيد الانتفاضة في المنطقتين، وبدعم عربي جدي وليس بالمواقف والخطابات، نكون امام وضع يعيد الصراع بين الفلسطينيين والعرب والاسرائيليين الى الصراع كعامل وجودي، خصوصًا وان راية الدولة اليهودية لا تزال بخطيها الأزرق شعار دولة اسرائيل من الفرات الى النيل .

وأملت المصادر بأن تتوج اعمال المقاومة التي حصلت في الضفة الغربية خلال الايام القليلة الماضية، بقرار فلسطيني رسمي يقضي بتبني انتفاضة شاملة، وهي في ظل الاوضاع العربية القائمة السبيل الوحيد لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .

ولفتت المصادر الى أن اي موقف مغاير سيضع الفلسطينيين ومعهم العالم العربي أمام خيارات أحلاها مر، وهي تعميق الخلافات بين ما هو معروف بدول المواجهة أو الممانعة والتي تدعمها ​ايران​، ودول الحلول السلمية بتأييد من الولايات المتحدة الاميركية، حليفة واشنطن، مع ما يمكن ان يحمله هكذا موقف من انقسامات سيكون طابعها مذهبي .

ولفتت المصادر الى ان زيارة نائب الرئيس الاميركي ​مايك بنس​ المرتقبة الى المنطقة ستركز على التخفيف من حدة القرار الاميركي، ومحاولة اقناع الفلسطينين والعرب بأن موقف واشنطن هو لتسهيل عملية السلام، وترك ترسيم الحدود بين الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية الى المفاوضات حول الحل النهائي لهذا الصراع .

وخلصت المصادر الى ضرورة إنتظار قرارات القمة الاسلامية، والقمة الثلاثية بين الرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​ والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​، لمعرفة ما اذا كانت الاوضاع ستتجه الى مواجهة جدية مع واشنطن وتل ابيب، ام انها ستكون مضيعة للوقت ومحاولة للحيلولة دون قيام توافق فلسطيني للمواجهة، وبالتالي الإبقاء على المواجهة في سياق شعارات كلامية رفعت في كل العواصم العربية .