شكّل قرار الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ بنقل السفارة الاميركية الى ​القدس​ والإعتراف بها كعاصمة ل​إسرائيل​ محط إجماع لدى ال​لبنان​يين لجهة رفضه وإدانته، وقد عبر لبنان الرسمي عن شجبه للقرار الأميركي ليلاقي الرفض الشعبي في منتصف الطريق. وفي حين خرجت أصوات شعبية ورسمية للمطالبة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن وطرد السفير الاميركي من لبنان، رفض آخرون الإقدام على مثل هذه الخطوة لما فيها من نتائج سلبية على لبنان. وكالعادة كانت ​السفارة الأميركية​ في عوكر قبلة للمحتجين على قرار ترامب، فنظمت القوى والأحزاب الوطنية تظاهرة احتجاحية سرعان ما تحوّلت الى أعمال شغب وتكسير، وإصطدام مع القوى الأمنية أسفرت عن سقوط تسعة عشر جريحاً من ​قوى الأمن الداخلي​، وخمسين مصاباً بين جرحى وحالات إختناق من المتظاهرين، وعشرة موقوفين بين فلسطنيين ولبنانيين.

تظاهرة عوكر قسمت ​مواقع التواصل الإجتماعي​ بين مؤيد ومعارض فرأى الإعلامي حسين مرتضى أن "المتظاهرين امام السفارة الاميركية ببيروت عليهم أن يهدأوا قليلاً والاّ يحولوا الامور للتخريب".، ولفت الوزير السابق ابراهيم شمس الدين "ان مظاهرة عوكر الثانية عكّرت عدالة التضامن مع القدس. أذية الناس وإتلاف أرزاقهم ليست طريقاً الى التحرير. هذا السلوك هو دليل إضافي على التمادي في التفلّت الحزبي والخروج على النظام والدولة". ونشر الياس حنكش صورة لأعمال الشغب وعلق عليها قائلا "هنا ليست بوابة فاطمة هنا ضبيّة-المتن".

من جهته ذكر المخرج شربل خليل أن من كان "ضد الدانمارك غضب بالأشرفية، وضد ​أميركا​ غضب بالضبيّه مفرق عوكر ليش غضبهم دايماً أَحوَل". في حين دعا الاعلامي يزبك وهبي "ألا تضيّعوا البوصلة طريق القدس جنوبا وليست شمالا ً فهي لم تكن يوما ً تمر عبر جونية ولن تمر طبعا ًعبر عوكر". واشار الناشط امين ابو يحيى الى انه "إنتهت التظاهرة وإنتهى التخريب في عوكر الحمدالله على سلامة الأهالي، والدولة يجب ان تعوض على المتضررين من ممارسات البعض الهمجية بحجة التضامن السلمي" .

وشدد الياس خوري على ان "عوكر لبنانية والقوى الأمنية من لبنان والقدس عربية ما منتراجع والطلب محق ونحن معه ولكن دون تخريب الممتلكات وأهم شيء لبنان اولا. مليار عربي نائمون ولبنان يريد تحرير ​الاقصى​ من عوكر. عجب"، ووافقته الناشطة سماح قاصماني بالقول "نحن أكيد داعمون للقضية ال​فلسطين​ية ونرفض قرار ترامب الإستفزازي، لكن "فشرتو" أن يكون لبنان مسرحاً للمواجهة"، مضيفة "يا شعب فلسطين الحبيب تحرير أرضكم ليس من لبنان، خربوا تل أبيب وليس بيروت أشرف لكم". وأكد منصور حمود أن "عوكر ليست طريق القدس و​الجيش اللبناني​ يشرفنا وهو ليس مكسر عصا لانه من افضل الجيوش العربية".

من جهة اخرى إعتبر الناشط علي يوسف أن "مشهدية الإحتجاج أمام السفارة الأميركية في عوكر رسالة معبّرة ودالّة فهي وفّرت للمتظاهرين محاكاة مشابهة لما يحصل في الضفة وقطاع غزة، ولم تُحرج الدولة اللبنانية التي عبّرت عن موقفها الجريء والمميز في القاهرة"، في حين برّر يوسف كليب للمتظاهرين بالقول "ما أقدم عليه المتظاهرون من اعتداء على عناصر قوى الأمن في عوكر، يقع تحت طائلة فشّة الخلق، غصّة، وحرقة قلب كل متظاهر، أحيانا العاطفة الإنسانية تتغلب على القانون".

من جهته سرد الصحافي بيار ابي صعب سير التظاهرة معتبرا ان "الاجواء كانت حبية وحماسية في عوكر لكن ثمة من اختار تحويلها الى ساحة معركة! هناك مسؤول أعطى الامر بالاعتداء على المتظاهرين بخراطيم المياه وقنابل الغاز المسيل للدموع في حين ان المراسلين لم يسجلوا اي تجاوزات على الارض".، متسائلا: "من يريد القول للعالم: السلطة اللبنانية خادمة ذليلة لأميركا"، مضيفا "كل تظاهرات الدنيا لها انعكاسات مؤسفة على الحي الذي تدور فيه. هذا لا يعني ان الامر طبيعي ومقبول. لكن تصريفه في بورصة المزايدات المناطقية والطائفية اقل ما يقال فيه إنه بائس وحقير". ولفت خالد إلى انه "لم ار احدا من المتظاهرين يتعدى على قوى الامن وإن كان حصل ذلك فقد يكون فرديا وفي هكذا حالات على قوى الامن ان تمتلك المهارات التي لا تجعل ردة فعلها تتجاوز حدود الفعل... ولا تأخذ الجميع بخطأ فرد او بضعة افراد".

في الختام، المطلوب في لبنان القليل من الوعي واليقظة وان تكون كل الخطوات محسوبة، التظاهر امر ايجابي ورسالة حضارية، ولكن اعمال الشغب والعنف عمل مرفوض ويشوّه الرسالة السامية التي يريد المتظاهرون ايصالها، بالأمس الاشرفية واليوم عوكر فهل يتّعظ بعض المتهوّرين ويدركون ان لا جدوى من افعالهم؟.