يُدرك الجيش ال​لبنان​ي وباقي القوى الأمنية ان قرار الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ الأخير بشأن ​القدس​، سيزيد من المخاطر الأمنية المحدقة بلبنان الذي يستضيف ما يزيد عن 500 ألف لاجىء ​فلسطين​ي باتوا يشعرون أكثر من أي وقت مضى على وقع ان حلم العودة يتلاشى أمام أعينهم، ما قد يدفعهم لتحركات تهدد الاستقرار الذي تشهده البلاد. وكما بات واضحا فان الاستنفار الشعبي لا يقتصر على الفلسطينيين المتواجدين في لبنان، بل على قسم كبير من اللبنانيين وبالتحديد أؤلئك المؤيدين لـ"محور المقاومة"، والذين يتوقون على ما يبدو لاعادة توجيه البوصلة الى فلسطين بعد سنوات من الانشغال بالقتال في ​سوريا​ و​العراق​ و​اليمن​ وغيرها من الدول العربية.

وان كان لبنان الرسمي سباقا في دعم القضية الفلسطينية وبرفض القرار الأميركي الأخير، من خلال المواقف المتكررة لرئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​، او من خلال المواقف الحادة التي أطلقها وزير الخارجية ​جبران باسيل​ في اجتماع وزراء الخارجية العرب، الا ان مختلف الأجهزة تتعاطى بكثير من الحذر مع المستجدات الأخيرة خوفا من خروج الأمور عن السيطرة ودخول طوابير خامسة للعبث بالوضع.

وقد كثّف الجيش وباقي الأجهزة الأمنية من اجراءاتهم في المنطقة الحدودية مع ​اسرائيل​ بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب نقل السفارة الأميركية الى القدس، بحيث أفادت مصادر أمنية عن "زيادة نقاط المراقبة وعمليات التفتيش تحسبا من عودة ظاهرة الصواريخ اللقيطة التي شهدها لبنان خلال سنوات ماضية، بحيث يتم اطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية باتجاه اسرائيل من دون تبني أي جهة للعمليات، ما يؤدي لزعزعة الوضع الأمني نتيجة تخطي القرار 1701".

وعبّر قائد الجيش ​العماد جوزيف عون​ عن هواجسه في هذا الاطار خلال الاجتماع الذي عقده في اليرزة الأسبوع الماضي مع أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة، وأبلغهم خلاله ان "الأزمة الراهنة في فلسطين المحتلة تستدعي المزيد من اليقظة والسهر لمواكبة التداعيات المحتملة، كما الجهوزية التامّة على الحدود الجنوبية وفي الداخل، لمواجهة أي اعتداء اسرائيلي أو أي إخلال بالأمن".

ويبدو ان قرار القوى الفلسطينية في لبنان واضح لجهة التزامها القانون اللبناني والأنظمة المرعية الاجراء، وان كانت تقر بعدم قدرتها على ضبط بعض المجموعات بما نسبته 100%، وهو ما أدّى لزيادة مستوى تعاونها مع الأجهزة اللبنانية، لمحاصرة اي تحركات أو نشاطات من شأنها أن تخل بالأمن اللبناني. ويعتبر مصدر في حركة "فتح" ان لبنان كان "سباقا في دعم فلسطين وقضية القدس مؤخرا"، متحدثا عن "موقف رسمي وشعبي مشرّف". ويشير المصدر الى ان كلمة وزير الخارجيّة جبران باسيل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب كانت "الأقوى والأرفع وعبرت بوضوح عن آمال وطموحات الشعب الفلسطيني والعربي"، معبرا عن "فخر الفلسطينيين بهذا الموقف كما بالأنشطة اللبنانية الأخرى التي واكبت المستجدات الأخيرة". وحثّ المصدر باقي الحكومات العربية على "حذو لبنان وزيادة مستوى الضغوطات على ​الولايات المتحدة الاميركية​، من خلال تقديم احتجاجات عبر سفارات واشنطن في بلدانها وصولا واذا أمكن لطرد السفراء الاميركيين باعتبار ان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاوز كل الحدود ولم تعد تنفع المهادنة".

وتبقى المواقف التي أطلقها الأمين العام ل​حزب الله​ السيد حسن نصرالله خلال التظاهرة الحاشدة التي نظمها الحزب نصرة للقدس، والتي دعا فيها "جميع فصائل المقاومة في المنطقة وكل الذين يؤمنون بها للتواصل والتلاقي لوضع استراتيجية موحدة للمواجهة، وخطة ميدانية وعملانية متكاملة تتوزع فيها الادوار وتتكامل الجهود في هذه المواجهة الكبرى"، محط متابعة خصوصًا وأنّها تتزامن مع تحركات لافتة على الحدود الجنوبية لمسؤولين وعناصر بالحشد الشعبي العراقي كما لعناصر أفغان، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول امكانية اشتعال الجبهات مع اسرائيل في وقت قريب أم أنها رسالة موجّهة للساسة الاسرائيليين، خاصة بعد اعلان نصرالله أن "القدس وفلسطين ستعودان أولوية اهتمام محور المقاومة".