إنطلقت قبل قليل ​القمة الإسلامية​ الطارئة في ​تركيا​ لبحث الرد على قرار الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ الاعتراف ب​القدس​ عاصمة ل​إسرائيل​ ونقل سفارة بلاده إليها من تل أبيب، في ظل غياب العديد من القادة العرب. وفي حين تعهد وزير الخارجية التركي ​مولود جاويش أوغلو​ بالأمس بأن تصدر القمة "رسالة قوية" بشأن القدس ينتظر ​لبنان​ كلمة رئيسه العماد ​ميشال عون​ فيها حيث يتوقع كثيرون ان تكون كلمته متمايزة عن باقي الرؤساء بمضمونها وبشكلها.

وفي هذا الإطار إعتبر المحلل والكاتب السياسي ​طارق ابراهيم​ أن "كلمة الرئيس عون ستكون منسجمة مع موقف الحكومة اللبنانية في مسألة القدس ورفضها لقرار ترامب، ومنسجمة مع التوافق الوطني اللبناني، ومع التوجهات العامة في الشارع العربي والإسلامي، بالاضافة الى ان عون سيستند الى المواقف الدولية متل مواقف ​فرنسا​ و​بريطانيا​ بالاضافة الى موقف الفاتيكان"، مشيرا الى ان "عون سيحاول ان يكون متمايزا كما تمايز باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب مما سيضفي على القمة نوعا من الروحية المطلوبة في مواجهة قرار ترامب".

وحول ارتباط مشاركة عون بموضوع النأي بالنفس أكد ابراهيم ان "اي عاقل يجب ان يتدارك طرح مثل هذا الشعار اليوم والتمترس وراءه لمواجهة اي تداعيات لما قد يحصل في المنطقة بعد قرار ترامب"، مضيفا: "هذا جدار ضعيف للذين سيتمترسون خلفه في لبنان، فالحدث اقوى بكثير من تمنيات البعض الذين كشفوا بسرعة عن انفسهم بعد حادثة عوكر، للتملص من اي التزام لبناني في مواجهة مشروع التطبيع مع اسرائيل، واعتقد ان مسار الأحداث القادمة هي ستحدد كيفية مواجهة لبنان لاي تطور درامتيكي في المنطقة، وارى ان القوى الاساسية حريصة جدا على عدم الدخول في مهاترات سياسية واعلامية تصب لصالح البعض في لبنان، الذين يفسرون النأي بالنفس على انه خروج نهائي من اي ارتباط لبناني بالقضية"، مؤكدا ان " لبنان اراد من مشاركة رئيس الجمهورية ان يؤكد حضوره القوي جدا في قضايا المنطقة ولبنان كونه خليط اسلامي مسيحي معني بان يكون له الدور الفاعل في هذا المؤتمر، ومن تمنى عدم ذهاب عون للقمة اعتقد انه يحاول التخفيف من اي دور لبناني وطني، وحصر هذا الدور في دوائر معينة لا تغضب اميركا ودول عربية اخرى مثل ​السعودية​، في الوقت الذي يعتبر هؤلاء ان سياسة النأي بالنفس تشمل عدم اغضاب اميركا والخروج من اي التزامات لبنانية بقضية فلسطين".

من جهة اخرى لفت ابراهيم الى انه "يجب الا نستبعد اي ضغط اميركي خفي بدأ بالامس من اجل تخفيف حدة اللهجة في المؤتمر وتخفيض القرار النهائي الذي سيصدر، وفي حال صدر قرار على غير مستوى التوجهات الشعبية العامة في العالمين العربي والاسلامي، سنشهد المزيد من الصراعات في الشارع العربي خصوصا ان ترامب يراهن كما اسرائيل على تنفيس الوضع العربي والاسلامي من خلال قرارات تخفيفية"، معتبرا ان "​ايران​ ستسعى مع عدد من الدول العربية مثل ​الجزائر​ و​العراق​ واندونسيا و​ماليزيا​ و​باكستان​ لاصدار قرار حاسم لمطالبة ترامب باعادة النظر بقراره ولكن هناك انطباع عام ان السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ستعرقل اصداره".

بدوره رأى المحلل السياسي ​خليل فليحان​ أن "مشاركة الرئيس عون في القمة الاسلامية لها دلالات كبيرة، تعطي دفعا لهوية لبنان الحضارية وتأكيد على انفتاح لبنان"، مؤكدا انه "لا يمكن استباق مضمون الكلمة ولكن اتوقع انها ستكون منسجمة مع مواقفه السابقة وهو الذي إعتبر ان إعلان ترامب بمثابة يوم حزين في الميلاد"، مشددا على ان "الرئيس عون لديه افكار صائبة ويمتلك كاريزما وشعبية واسعة وحضوره سيكون له وقعه كبير وايجابي على الاجتماع".

ولفت فليحان الى ان "وزير الخارجية ​جبران باسيل​ الذي يرافق الرئيس عون طرح أن يتم تبديل بعض الامور في البيان الختامي ومنها اعتبار القدس عاصمة مسيحية واسلامية ويهودية وليس فقط انها عاصمة عربية". ورأى ان "زيارة الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ الاخيرة الى تركيا ولقائه اردوغان، اعطت زخما للقمة على ان تخرج بقرارت عملية"، مؤكدا ان "هناك العديد من الخطوات يمكن القيام بها على صعيد العلاقات الدبلوماسية مع اميركا، لجهة استدعاء السفراء الاميركيين وابلاغهم رسالة احتجاج وصولا لسحب سفراء الدول الاسلامية والعربية من اميركا".

وفي الختام وبانتظار ان يلقي الرئيس عون كلمته تبقى تمنيات الشعب اللبناني الذي اظهر التفافا واضحا حول قضية القدس ان تخرج القمة الاسلامية بقرارت واضحة تدفع بالرئيس الاميركي للتراجع عن قراره حتى تبقى القدس عاصمة السماء".