اشار مصدر في "​تيار المستقبل​" لـ"الحياة" الى أن "هناك جهداً شبه يومي من أجل ما سماه رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ الحاجة إلى توضيحات في ضوء اختلاف الأداء أثناء استقالته، وأن التواصل شبه يومي بين وزيري الإعلام ​ملحم رياشي​ والثقافة ​غطاس خوري​ بهدف إعادة هيكلة العلاقة في الملفات الداخلية"، لافتا الى أن "سوء التفاهم بين الجانبين بدأ يظهر قبل الاستقالة وزادت حساسيته بعدها، بفعل الالتباسات في شأن موقف «القوات» من الاستقالة وظروفها في ضوء ما اعتبره بعض محازبي "المستقبل" في تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي تحريضاً من "القوات" على الحريري لدى ​السعودية​ بمهادنة "​حزب الله​"، ما تسبب في ردود من محازبي "القوات" وسجال دفعت الحريري إلى القول إن هناك تضخيماً في ورأى المصدر إن "الحريري ورئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​ التقيا قبل الاستقالة وناقشا في أجواء إيجابية العلاقة"، مشيراً إلى أن "حيثيات العلاقة تنقسم إلى شق داخلي وآخر يتعلق بالسياسة الخارجية"، مضيفا: "على الصعيد الداخلي، نشأت حساسية لدى "القوات" من تحالف الحريري مع رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، فيما المشكلة ليست مع زعيم "المستقبل" في هذا المجال بل مع "​التيار الوطني الحر​" نتيجة الخلاف على التعيينات الذي عبر عنه وزراء "القوات" في الحكومة، وعلى التنافس في الساحة المسيحية انتخابياً مع بدء الترشيحات".

ولفت المصدر الى أن "بعض التجاذب أخذ بعداً يتعلق بالحسابات المبكرة جداً في شأن معركة رئاسة الجمهورية وفي هذا المجال، لا علاقة لـ"المستقبل" بحسن تطبيق ورقة التفاهم في ​معراب​ بين الفريقين حين قرر جعجع دعم العماد عون للرئاسة"، مشيرا الى أنه "لم يكن بإمكان الحريري أن يلعب دوراً في مسألة حصة "القوات" في التعيينات، لأن القاعدة هي أن تتولى قيادة كل طائفة تسمية من تراه مناسباً لمناصب الفئة الأولى"، ذاكراً أن "الحريري معني بأن تكون للمسيحيين حصتهم، لكنه ليس في وارد الاختلاف مع رئيس الجمهورية بسبب الحصص المخصصة للمسيحيين في الإدارة، بسبب تحالفه مع جعجع، لاقتناعه بأن الخلاف بين رئيسي الحكومة والجمهورية يجمد البلد والمؤسسات، والتجارب على مر السنوات أثبتت ذلك"، مضيفا: "لكن الحريري يعتقد أيضاً أن رغبته في عدم الاختلاف مع عون لا تعني أن يختلف مع جعجع، مثلما أن حلفه مع الأخير لا يفترض أن ينسف علاقته مع عون".

واعتبر المصدر أن "التباين في إدارة الملفات الداخلية بين الفريقين المسيحيين مختلف تماماً عن الموقف من إدارة الحكومة والرئيسين عون والحريري للسياسة الخارجية والموقف من سياسات "حزب الله" وتدخلاته في الدول العربية، حيث إن رئيس الحكومة تصدى قبل الأزمة الأخيرة لتصرفات الحزب مذكراً بخطوات أخذها بدءاً بزيارة الجنوب قبل أشهر رداً على تنظيم "حزب الله" رحلة لصحافيين إلى المنطقة الحدودية حيث ظهر مسلحون تأكيداً للالتزام لبنان القرار 1701، وهو من زار الجرود الشرقية للتشديد على دور الدولة في تحريرها من "داعش" رداً على سعي الحزب إلى مصادرة الانتصار على التنظيم الإرهابي، كما أنه كان يتولى الرد بعد ساعات قليلة على الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله في كل مرة يهاجم السعودية سواء في شأن اليمن أو غيره، وهو في اليوم نفسه لمغادرته بيروت إلى الرياض قبل يوم من الاستقالة رد على أحد خطب نصر الله"، مشيراً إلى أن "محاولة تغيير هوية لبنان العربية قرصنة أثناء رعايته مؤتمراً عن قرصنة الإبداع الإعلامي"، مذكرا "بزيارة الحريري الكويت لاستدراك الأزمة معها وإدانة تورط الحزب في خلية العبدلي".

واشار المصدر إلى أن "الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق وكتلة المستقبل تصدر رفض التطبيع مع النظام السوري وهو الذي نزع الشرعية عن زيارات وزراء حلفاء لسورية إليها، وقبوله تعيين سفير في سورية سببه تكريسه مطلب إقامة العلاقات الديبلوماسية بين البلدين"، مضيفاً: "الخلاف مع "حزب الله" الذي أدى الى اعتماد ربط النزاع، له وجهان، الأول يتعلق بسلاحه في ظل احتضان أكثرية كبرى في الطائفة الشيعية للحزب والذي يوجب مقاربة الأمر بطريقة لا تؤدي إلى فتنة داخلية، ما استوجب إحالة الأمر إلى الحوار على الاستراتيجية الدفاعية ومواصلة بناء الدولة وتسليح الجيش الذي يوظف رئيس الحكومة كل اتصالاته مع الدول من أجله قبل أن يعود إلى الرئاسة الثالثة، باعتراف الدول الغربية. فالحريري يعتقد أن هذه هي الوسيلة الفضلى لتحقيق التوازن الداخلي مع حفظ مؤسسات الدولة الأخرى. وهو أمر لا خلاف عليه مع "القوات"، والوجه الثاني المتعلق بتدخله في الخارج، الذي تصدى له الحريري وفق قدراته في الأشهر الأخيرة للتأكيد من أن وجود الحزب في المحور الإيراني لا يعني أن الدولة اللبنانية في هذا المحور وصولاً إلى العودة إلى سياسة النأي بالنفس بقرار مجلس الوزراء".

واكد المصدر إن "الحريري سيراقب بدقة تنفيذ النأي بالنفس مثلما أن الدول المعنية تراقب، كما قال الوزير السعودي عادل الجبير، وهو كي يتابع عمل الحكومة في هذا المجال، لا بد من أن يتعاون مع رئيس الجمهورية"، مضيفا: "قد يكون الوزير الجبير على حق حين وضع عون والحزب في خانة واحدة، والأمر سيخضع للاختبار في المرحلة المقبلة وهو سبق أن ناقش الأمر مع الجانب السعودي"، مشددا على ان "معالجة الملفات الداخلية مع "القوات" قبل الانتخابات، تتم مع التوافق على السياسة الخارجية وعلى قاعدة حرص الحريري على تبريد السجالات".