مرة جديدة يعود قانون ​العفو العام​ إلى الواجهة، إنطلاقاً من إضراب السجناء في المبنى "دال" من ​سجن رومية​، بعد أن كان العنوان الأبرز خلال مرحلة الحملات الإنتخابيّة السابقة، وهو الأمر الذي كانت قد ألتزمت به الحكومة الحالية في بيانها الوزاري، مع العلم أن معظم المحكومين في المبنى المذكور من المدانين بجرائم مختلفة، وليسوا من المنتمين إلى المجموعات الإسلاميّة الذين اتّهموا بجرائم إرهاب.

في الفترة السابقة، طغت التجاذبات السياسيّة على هذا الملف، وهي التي حالت دون إقرار القانون قبل الإنتخابات النيابيّة الأخيرة، نظراً إلى "الفيتوات" التي رفعت من قبل العديد من الأفرقاء، لناحية شموله سجناء في قضايا إرهابيّة أو متعلقة بالقتال ضد ​الجيش اللبناني​، الأمر الذي فرض تأجيله للمزيد من البحث.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الوصول إلى إقرار قانون عفو عام في لبنان يحتاج إلى إجماع وطني، نظراً إلى أن من الصعوبة في مكان إقراره في حال وجود إعتراض عليه من قبل أيّ من الأفرقاء الأساسيين، لا سيما أنه يتفرع إلى 3 ملفات أساسية: "السجناء الإسلاميّون"، الفارون إلى ​إسرائيل​، الموقوفون في قضايا مخدرات.

وتوضح هذه المصادر إلى أن هذا الملف يتم التعامل معه، منذ اليوم الأول، على قاعدة 6 و6 مكرر، نظراً إلى أن كل فريق يتبنى مطالب احدى الفئات الثلاث المذكورة في الأعلى، وتشدّد على أن المعالجة تتطلب الهدوء والرويّة، مع وجود شبه إجماعٍ على ضرورة إقرار عفو عام، إلا أن المطلوب التوافق على التفاصيل، وتضيف: "أغلب القوى السياسية ارتبطت مع ناخبيها بوعود واضحة على هذا الصعيد، لا يمكن التنصّل منها بسهولة".

في ظل هذه المعطيات، تكشف مصادر معنيّة، عبر "النشرة"، أن قانون العفو ينتظر الإنتهاء من الموازنة العامة، خصوصاً أن اللجنة القانونية، التي كان قد شكلها رئيس الحكومة ​سعد الحريري​، وضعت مقترحات ترضي جميع الأفرقاء وتراعي هواجس الجميع، وتشير إلى أن الحريري، بعد ذلك، شكل لجنة وزاريّة لدراسة المقترحات وإصدار المسوّدة الأخيرة، حيث أن الصيغة النهائية من المفترض أن تنطلق من مجلس الوزراء، على شكل مشروع قانون، كي يصار إلى إقرارها في المجلس النيابي.

من وجهة نظر هذه المصادر، لا يمكن القول ان البحث في هذا الملف مؤجّل إلى ما لا نهاية، لكنها تلفت إلى أن المجريات في البلد أخرت المداولات فيه، وتنقل عن رئيس الحكومة تأكيده بأنه سيكون من أولويات مجلس الوزراء في المرحلة المقبلة، وبالتالي ليس هناك ما يدعو للقلق على هذا الصعيد، بل على العكس من ذلك هي تبدي تفاؤلها بتحريك عجلته قريباً.

بالعودة إلى الإقتراحات التي يجري التداول بها، توضح المصادر نفسها أن العفو المنتظر ليس شاملاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى لكن في المقابل سيشمل الجميع، حيث المطروح بالنسبة إلى الإستثناءات التخفيض، لناحية وضع سقف لعقوبتي الإعدام والمؤبد، وتشير إلى أن من الأفكار هو أن يتم تحديد عقوبة الإعدام بالسجن 25 عاماً وعقوبة السجن المؤبد بالسجن 20 عاماً، بالإضافة إلى إعادة النظر في السنة السجنيّة المحددة اليوم بـ9 أشهر، وتضيف: "الإستثناءات متعلّقة بجرائم القتل و​الإرهاب​ وتجارة المخدرات بشكل أساسي، لكن الشيطان قد يكمن في تفاصيل هذه الإستثناءات".

في المحصلة، هذا الملفّ من المفترض أن يفتح على مصراعيه في وقت قريب، بالرغم من أن البعض يشير إلى أنه يرتبط أيضاً بقانون تشريع زراعة الحشيش، أي أن الأخير لن يُقر قبل صدور عفو عام، فهل يسلك طريقه إلى إقراره أم يعود إلى الغرق في التفاصيل بسبب الخلافات حوله؟.