لا شكّ أن ​لبنان​ يتعرض لحرب اقتصادية قد يكون أبرز أسبابها المخطّط الأميركي لتمرير ​صفقة القرن​، ولكن هذا لا يعني أنّ اللبنانيين أنفسهم أو بعضهم لكي لا نظلم أحدا، يشاركون بهذه الحرب عن قصد او عن غير قصد، كما أنّه لا يعني بأنّ المسؤولين لا يمكنهم المواجهة، وربما الانتصار بحال توافرت لديهم الإرادة الصافية. ولعل كلام المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقررات "سيدر" ​بيار دوكان​، للمسؤولين أبرز دليل على ذلك.

تحدّث دوكان خلال زياراته للمسؤولين اللبنانيين عن استمرار "سيدر"، ولكن ما صرحه على الاعلام لم يكن كل ما قاله خلال اللقاءات، اذ تكشف مصادر سياسية مطلعة أن أهم ما نقله دوكان كان استمرار ثقة الإدارة الفرنسيّة بقدرة لبنان على تخطّي الأزمة الاقتصادية، وان لا مهلة زمنية محدّدة لضياع لمؤتمر "سيدر"، وهو الأمر الذي لطالما خوّف به مسؤولون أوروبيّون لبنان. وتضيف المصادر عبر "النشرة": "بالنسبة لدوكان فإنّ أهم ما ينظر اليه المعنيّون بمؤتمر "سيدر" حاليا هو كيفية تعاطي لبنان مع موازنة 2020، وما اذا كان سيتمّ إقرارها ضمن الوقت المحدّد قانونيا أم لا"، مشدّدة على أنّ التأخر بإقرارها ولو ليوم واحد سيعطي انطباعا سلبيا كبيرا جدا عن لبنان.

لم يتطرق دوكان كثيرا لموازنة 2019 لأنّه يعلم بأنها غير قادرة على تلبية حاجات لبنان، وبنفس الوقت ليس لديها المدّة الزمنية الكافية لتؤدّي الى نتائج، لذلك فكان كل تركيزه على موازنة 2020، ولكنّه تطرّق الى نقطة هامّة أبرزها في لقاءاته، وهي بحسب المصادر أن القائمين على "سيدر" لا يشجّعون على فرض ضرائب جديدة، ولا هم من طلب ذلك من الدولة اللبنانيّة، ولا يظنّون أن إجراءات كهذه ستغيّر صورة لبنان، أو صورة اقتصاده، ولا يجدون أن فرض الضرائب يعني القيام بإصلاحات، مشيرة الى أن دوكان كان واضحا بأنّ الضرائب قد تؤدّي الى نتيجة عكسيّة على الاقتصاد، فبدل أن تُنعشه ستضرّه، الأمر الذي يجعل المسؤولين أمام مسؤولية كبيرة في هذا الإطار.

اما فيما يتعلق بملفّ الكهرباء وما يُحكى عن رفع تسعيرتها، فتشير المصادر الى ان الأمر جدّي، ويتوقع بداية العام 2020 أن ترتفع فاتورة الكهرباء بنسبة قد تصل الى 40 بالمئة، كاشفة أن ما يُثير الذعر هو المعلومات المتداولة بأن رفع التسعيرة سيترافق مع تخفيض ساعات التغذية لتوفير الفيول، ما يعني أن الدولة ستوفّر ب​أسعار المحروقات​ وستستفيد من رفع الفواتير، مشدّدة على أنّ هذا الأمر اذا ما صحّ يعني انهيار ما تبقى من ثقة بين المواطن والدولة.

وتلفت المصادر النظر الى أنّ ملف الكهرباء سيكون سبب مشكلة كبيرة على طاولة مجلس الوزراء، خصوصا بظلّ وجود من ينادي باللجوء الى الغاز بدل الفيول، ومن يحضّر لفتح ملفّ مجلس ادارة ​مؤسسة كهرباء لبنان​ والهيئة الناظمة للقطاع، متوقّعة أن يشهد هذا الملفّ انفجارا قريبا.

لأجل الوصول الى شاطئ الأمان هناك مسؤوليّات على المسؤولين، واللبنانيين، لأنّ واجب المواطنين الوقوف صفّا واحدا للنهوض معا، ولعب الدور الأهم والأكبر في دعم اقتصادهم الوطني، عبر تفعيل السياحة الداخليّة، وتشجيع منتجات الصناعة الوطنيّة والزراعة المحليّة، والإيمان بالعملة المحليّة وعدم التهافت على شراء العملات الاجنبيّة، والإبقاء على الودائع المصرفيّة بالعملة المحليّة، وغيرها من الإجراءات التي تساعد الإقتصاد على النهوض مجددا.