حين سيصل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى أولى محطاته الأفريقية من أصل أربع محطات، هي نيجيريا وساحل العاج والسنغال وغانا، سيُسأل عن الضحيتين اللبنانيتين، عماد عنداري وكارلوس بو عزيز اللذين خُطِفا مع خمسة آخرين من مقر شركة لبنانية في نيجيريا. هذا السؤال سيُنغِّص بداية الجولة لأنه سيُظهِر تناقضاً فاضحاً بين الوفد الفضفاض وبين معاناة اللبنانيين في الخارج.

الواقع هو أن الزيارة تاريخية، ليس بالمعنى المتعارف عليه لهذه الكلمة بل بالعدد التاريخي لأعضاء الوفد الذي يناهز التسعين شخصاً بين وزراء ورجال أعمال وعائلة ومسؤولين أمنيين وإداريين ومستشارين ومرافقين وصحافيين. كما انها تاريخية بعدد أيامها التي تصل إلى عشرة أيام وتنتهي عشية جلسة تاريخية لمجلس الوزراء ستبت ببندَيْن في غاية الخطورة والأهمية هما:

بت مسألة سلسلة الرتب والرواتب وبت مسألة تشكيل هيئة الإشراف على الإنتخابات النيابية.

باعتبار أن الإغتراب واحد، سواء أكان في أفريقيا أو في الخليج، فإن على الرئيس أن يتوقَّع أسئلة من نوع:

ماذا عن أوضاع اللبنانيين في الخليج؟

وماذا عن المعلومات التي تحدَّثت عن صعوبات سيواجهها اللبنانيون هناك بسبب سياسة الحكومة اللبنانية؟

هنا قد يقترب أحد المستشارين من الرئيس ويهمس في أذنه:

ربما كان علينا أن نبدأ الجولة من دول الخليج لأن زيارتها أكثر إلحاحاً من زيارة أفريقيا في الوقت الراهن.

إذا قام أحد المستشارين بهذه الخطوة يكون صادقاً مع الرئيس، فالحق يُقال أن زيارة دول الخليج كان يُفتَرَض أن تكون لها الأولوية بسبب الدواعي المُلِحَّة، فالمواقف التي اتخذها بعض السياسيين في حق بعض دول الخليج كادت أن تؤدي إلى الإضرار بأوضاع اللبنانيين في تلك الدول، ومازال الخطر قائماً وقد يبقى قائماً ما لم يتم تداركه بزياراتٍ على مستوى رئاسي.

صحيح ان وفوداً بدأت تتوجَّه إلى بعض تلك الدول لكن هل هذا يكفي؟

وفد الهيئات الإقتصادية شكّل واحداً من هذه الجهود وكشف نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر بعض مضمون هذا الجهد، لكن الجهد المطلوب هو الذي يجب أن يقوم به رأس الدولة كذلك رأس السلطة التنفيذية لأن أوضاع اللبنانيين في الخليج هي في الخطر الداهم وليس أوضاع اللبنانيين في أفريقيا.

ما يلفت في بعض وجوه الوفد الفضفاض الذي يرافق الرئيس في جولته الأفريقية أن فئة رجال الأعمال فيه هي من فئة أصدقاء الرئيس أكثر منها رجال أعمال حقيقيون، وهؤلاء يزورون أفريقيا لترويج أعمالهم أكثر مما يروِّجون للإستثمار في لبنان، واللبنانيون في أفريقيا يعرفون ذلك وهُم ليسوا في غربة عما يجري في لبنان وحتى عن خلفية تشكيل الوفد اللبناني.