عاد القلق الى لبنان وبقية دول المنطقة التي تستضيف لاجئين سوريين بسبب الخلاف الحاد الذي تجدد بين الاميركيين والروس على مشروع القرار الذي سيتخذه مجلس الامن من أجل ترجمة اتفاق الطرفين في ما يتعلق بوضع الرقابة الدولية على الترسانة الكيميائية السورية تمهيداً لتدميرها في وقت لاحق على ان تناط بـ"منظمة حظر الاسلحة الكيميائية" التابعة للامم المتحدة مهمة تطبيق القرار.

وقد نشأ الخلاف لدى رفض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اقتراح نظيره الفرنسي لوران فابيوس تضمين مشروع القرار الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة الذي يرمي الى معاقبة سوريا اذا لم تلتزم التنفيذ، من خلال قوة عسكرية يشكلها المجلس تكون مهمتها تنفيذ القرار بالقوة.

وكان فابيوس نقل الى روسيا الثلثاء الماضي الاقتراح الذي اتفق عليه مع كل من وزيري خارجية اميركا وبريطانيا في الاجتماع الثلاثي الذي عقد بينهم في باريس. ولم تنته انعكاسات الرفض الروسي عند هذا الحد بل تلاه تصعيد متدرج من البيت الابيض، ووزارة الخارجية في الولايات المتحدة استهدف لافروف. وصولاً الى نعته بأنه يعيش خارج الزمن، كما ان الرئيس باراك أوباما اكد ان لا حل للأزمة السورية في ظل بقاء الأسد في السلطة.

ثم تطور التصعيد الروسي، ليشكك الرئيس فلاديمير بوتين بدوره بان ما توافق عليه كل من وزيري الخارجية الاميركي جون كيري والروسي لافروف قد لا يقبل به الرئيس السوري بشار الأسد اي ما يتعلق بتدمير الأسلحة، لأن هذه العملية تستغرق عاماً وكلفتها مليار دولار. وتكمن العقبة الروسية الثانية في اعتبار بوتين ان المعارضة هي التي ارتكبت مجزرة الغوطة الشرقية بسلاح روسي الصنع لم يعد الجيش السوري يستعمله منذ سنوات. كما ان بوتين يريد تحقيقاً أساسياً لتحديد من ارتكب الجريمة بعدما شكك بتقرير مفتشي الامم المتحدة، وقال: "وفي ضوء النتائج يمكننا مع شركائنا في مجلس الامن تحديد مدى مسؤولية مرتكب الجريمة".

ولفت واشنطن الى خطورة توجيه ضربة عسكرية لسوريا خارج قرار مجلس الامن، لأن في ذلك مخالفة للقانون الدولي من جهة، وتعبيداً للطريق امام تنظيم "القاعدة" للوصول الى الحكم في سوريا، وفقاً لتحليله الى ما ستؤول اليه الأمور بعد الضربة العسكرية.

وحاول وزير الخارجية الاميركي جون كيري استمالة الصين لتأييد التوجه الاميركي في موضوع تفكيك الترسانة النووية السورية لدى لقائه نظيره الصيني وانغ بي، لكنه اخفق في محاولته.

وأفادت مصادر رسمية ان موسكو تعتبر ان تطبيق الاتفاق الروسي – الاميركي يمكن ان ينعكس ايجابياً على لبنان، لأنه لا يوقف تدفق النازحين السوريين عليه فحسب، بل يشجع الموجودين فيه منهم على العودة الى ديارهم.

وذكر نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف انه لاحظ في طريقه الى بيروت من دمشق حركة السيارات الهادئة على الطريق ولم يسجل اي زحمة سير لهاربين.

وأفادت التقارير الواردة من نيويورك الى بيروت ان المعطيات تعكس مدى التباينات بين واشنطن وموسكو حول مشروع القرار الذي تريده روسيا عادياً وخالياً من اي تهديدات بقوننة الضربة العسكرية في حال تلكأت سوريا عن تطبيق القرار كاملاً او بعض بنوده.