منذ بدء معركة جبال القلمون السورية، يكثر الكلام عن تداعياتها على الداخل اللبناني، لا سيما على بلدة عرسال الحدودية. اليوم باتت التحذيرات في أعلى مستوياتها مع وصول المعركة إلى بلدة يبرود، التي تعتبر بمثابة مصنع السيارات المفخخة التي ترسل إلى المناطق اللبنانية، وهناك روايات يتم تداولها في وسائل الإعلام وفي الأوساط السياسية والشعبية، من دون أن يتم تأكيدها من أي جهة.

وفي هذا السياق، تكشف مصادر مطلعة إلى أن السيناريوهات المتعددة التي يتم الترويج لها، بدأت منذ التفجير الأخير الذي إستهدف محطة الأيتام في مدينة الهرمل، لا سيما بعد إتخاذ إجراءات أمنية مشددة لمنع دخول المزيد من السيارات المفخخة إلى الداخل اللبناني، وتشير إلى أن هذا الأمر تم من خلال عزل يبرود عن عرسال.

وتلفت المصادر نفسها، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن بعض الجهات السياسية والدينية تتحدث عن أن لدى الجيش السوري و"حزب الله" الرغبة بالدخول إلى عرسال بعد الإنتهاء من المعارك في يبرود، على إعتبار أنها تحتضن أعدادًا من المقاتلين في صفوف المعارضة السورية، بالإضافة إلى بعض المجموعات اللبنانية التي تتعاون معها، وتشدد على أن هناك حملة تحريض واسعة تقام تحت هذا العنوان، وترى أن تداعياتها ستكون خطيرة جداً، لا سيما في حال حصل هذا الأمر.

وفي هذا الإطار، لا تخفي مصادر نيابية في قوى الرابع عشر من آذار مخاوفها من حصول أي عملية على عرسال، وتكشف عن وجود إتصالات تجري مع قيادة الجيش اللبناني لمنع حصول ذلك، وتشدد على أن الأهالي يراهنون بالدرجة الاولى على المؤسسة العسكرية لحمايتهم، خصوصاً أنهم يؤكدون أن ما يقومون به لا يتعدى الواجب الإنساني الذي تفرضه الروابط العائلية والإنسانية التي تجمعهم مع أبناء القرى والبلدات السورية المجاورة.

وتشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن من غير المقبول أن تدفع البلدة ثمن مساعدتها النازحين الهاربين من الموت، لا سيما أن التداعيات على أهاليها كانت كبيرة جداً على الصعيدين الإقتصادي والإجتماعي، وبالتالي من المفترض مساعدتهم بدل توجيه التهديدات لهم من أكثر من جهة، وتؤكد أن المسؤولية كبيرة على الأجهزة الأمنية لمنع حصول أي إعتداء عليهم.

في الجهة المقابلة، تنفي مصادر مطلعة في قوى الثامن من آذار كل هذه الأنباء، وتشدد على أن هذا الأمر غير وارد على الإطلاق لا في حسابات الجيش السوري ولا في حسابات "حزب الله"، لا سيما أن تداعيات مثل هذه الخطوة ستكون كبيرة، وتسأل: "هل من عاقل يعتقد أن الحزب قد يقدم على هذا الأمر في ظل الإحتقان المذهبي والسياسي القائم في البلد؟" وترى أن ذلك يعني إنزلاق كل لبنان نحو المجهول، وتشدد على أن قيادة الحزب حريصة على منع وقوع فتنة مذهبية، وهي أثبتت ذلك من خلال تعاطيها مع الأحداث التي وقعت في الفترة السابقة.

من وجهة نظر هذه المصادر، يدرك أهالي عرسال جيداً هذا الأمر، على الرغم من الضغوط الكبيرة التي يتعرضون لها من جهات متعددة، ولا تخفي المصادر، في حديث لـ"النشرة"، مخاوفها من تحركات قد تقوم بها بعض العناصر الموتورة الموجودة داخل البلدة عند إشتداد المعارك في يبرود، لا سيما أن المعلومات تتحدث عن احتمال تحركهم باتجاه بعض القرى اللبنانية.

وحول هذا الموضوع، تشدد المصادر على أهمية الإجراءات التي يقوم بها الجيش اللبناني على الحدود، خصوصاً ما حصل في الأيام الأخيرة، وتشير إلى أن هدفها الأساسي حماية عرسال من أي خطوة غير محسوبة قد يقدم عليها البعض، وتدعو الأهالي إلى التنبه إلى هذا الموضوع.

في المحصلة، لا تزال مخاطر حصول أي تطور مفاجىء في منطقة البقاع الشمالي قائمة، ولكن هل تنجح القوى الفاعلة في تطويق ذلك سريعاً، لا سيما أن الأشهر الأخيرة أكدت أن هناك من يريد اللعب على الوتر المذهبي في هذه المنطقة؟