تبدلت الكثير من الأمور على طاولة مجلس الوزراء. الأجواء الإيجابية التي تحيط بغالبية الجلسات بعد نيل الحكومة الثقة تصدم الكثيرين، خصوصاً أن التوقعات عند الولادة لم تكن تشير إلى هذا الأمر، إلا أنّ أحد الوزراء يعلق على ذلك بالقول: "يخلق الله ما لا تعلمون".

من النادر جداً وجود وزير يتحدث عن أجواء سلبية تسيطر على عمل الحكومة الحالية، يبدي الجميع رضاه عن المناقشات التي تجري، أما بالنسبة إلى بعض السجالات، لا سيما تلك التي حصلت خلال جلسة الإثنين الماضي، فهي من وجهة نظر أكثر من وزير "عادية"، لا يمكن أن تؤدي إلى "الإنفجار"، خصوصاً أن المشاورات والإتصالات الجانبية قادرة على معالجتها.

ويشير وزير، من قوى الثامن من آذار، إلى أنه عند حصول ذلك، يأخذ الوزراء الأساسيون "break" من أجل القيام ببعض الإتصالات والمشاورات، قبل أن يعودوا برفقة الجواب السلبي أو الإيجابي، ويرى أن ليس مطلوباً من الوزراء معالجة مختلف القضايا، خصوصاً أن الجميع يدرك أنهم تابعون لمرجعيات أساسية خارج الجلسة وهي التي تقرر.

على صعيد متصل، يرى زميل له أن الحكومة تمكنت من إنجاز ملفات كان الكثيرون يعتبرون أنها شائكة جداً، لا سيما أن الحكومات السابقة لم تنجح في معالجتها، الأمر الذي أدى إلى التخفيف من حالة الإحتقان السياسي التي كانت قائمة في البلاد، ويقول: "ربما روح الهادي أو الروح القدس ساعدا على ذلك".

ويلفت هذا الوزير إلى أن الأمور التي تعرض في الجلسات تناقش بتفاصيلها، ويبرز من الوزراء على صعيد المناقشات السياسية، كل من: وزير العمل سجعان قزي، وزير الإتصالات بطرس حرب، وزير المال علي حسن خليل، وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، في حين يهتم باقي الوزراء أكثر بالأمور المتعلقة بوزاراتهم.

ويشدد وزير، من قوى الرابع عشر من آذار، على أن الأجواء "الإيجابية" لا تعني أن الأفرقاء السياسيين تخلوا عن مواقفهم السابقة، لكن الجميع يدرك أن الحكومة الحالية هي "حكومة ضرورة"، وهذا مدعم بشعور الجميع بأن من الواجب عدم قطع شعرة معاوية بينهم، بالإضافة إلى وجود رغبة إقليمية ودولية بتحييد لبنان عن صراعات المنطقة، كانت العامل المساعد على تأليف الحكومة، ومن ثم الإتفاق على البيان الوزاري، وهناك آمال تعلق عليها من أجل إنجاز الإستحقاق الرئاسي.

وفي هذه المناسبة، يؤكد أحد وزراء الرابع عشر من آذار أن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لم يعد ذلك الوزير المشاكس، الذي عُرف في الحكومات السابقة، بل بات مقرباً من مختلف الأفرقاء، ربما لأن معركة رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون الرئاسية تتطلب ذلك، في حين يقول وزير آخر إن البعض لا يزال يتعامل مع باسيل على أساس أنه وزير الطاقة والمياه نظراً إلى إطلاعه الجيد على ملفات وزارته السابقة.

من ناحية أخرى، لم تسجل جلسات مجلس الوزراء، التي تبدأ بمداخلة من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وتتناول أبرز المستجدات، الكثير من المواقف "الكوميدية"، بحسب ما يؤكد أكثر من وزير، لكن أحدهم يدعو إلى سؤال وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور عنها، ويصفه بـ"سيرج طورسركسيان الحكومة".

بالإضافة إلى ذلك، تنقسم آراء الوزراء بالنسبة إلى السيدة الوحيدة معهم، وزيرة المهجرين أليس شبطيني، فالبعض يعتبرها من العوامل التي تزرع الفرحة، ويقول أحدهم عنها: "أفشاتها مهمة كثير"، في حين يرفض زميل له هذا الكلام، ويشير إلى أنها تتحدث ببراءة لا أكثر، ربما لأن القاضية المتقاعدة ليست معتادة على الحياة السياسية، ويضيف: "حرام ما لازم تنظلم".

في المحصلة، ترضي الحكومة الحالية الأفرقاء المشاركين فيها، رغم بعض الخلافات التي تتم معالجتها سريعاً، لكن الكثير من الأسئلة تطرح حول مدى قدرتها على الإستمرار على هذا المنوال طويلاً.