القصة تعود إلى عام 2005، حين وصلت مراسلة من السلطات الأمنية الفرنسية إلى المديرية العامة للأمن العام، تسأل عن مجموعة من اللبنانيين، تشير السجلات الفرنسية إلى أنهم حصلوا على جوازات سفر فرنسية، من دون وجه حق. الجوازات صحيحة، وغير مزورة، لكن الوثائق التي استخدمت للحصول عليها كانت مزورة. مباشرة، لمع من بين الأسماء المذكورة في المراسلة الفرنسية، أسماء كل من: الجنرال ​ميشال سليمان​ وأفراد عائلته، الجنرال وفيق جزيني وأفراد عائلته، والكولونيل رضا الموسوي وأفراد عائلته.

أجرى المدير العام للأمن العام (حينها)، اللواء جميل السيد، اتصالات بالسفارة الفرنسية في بيروت. اجتمع بعدها بمسؤولين فرنسيين، دبلوماسيين وأمنيين، لافتاً إلى أن الأسماء الثلاثة تعود إلى قائد الجيش العماد ميشال سليمان، ومدير مكتبه العميد وفيق جزيني، وصديقهما الضابط رضا الموسوي. جرى التوافق بين السيد ومسؤولين فرنسيين على «لفلفة هذه الفضيحة؛ لأنها تمسّ سلباً صورة الجيش اللبناني». واقترح السيد على الجانب الفرنسي حينذاك أن يعمد إلى التواصل مع سليمان وجزيني والموسوي، وأن يستعيد منهم جوازات السفر، لكي يُقفَل الملف على قاعدة «عدم توافر النية الجرمية لديهم، بدليل عدم استخدامهم لجوازات السفر». قبِل الدبلوماسيون والأمنيون الفرنسيون بعرض السيد الذي عمد إلى إخفاء أي أثر للقضية في سجلات الأمن العام، قبل أن يستقيل من منصبه ويُعتَقل بأمر من لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري. لكن إزالة آثار الفضيحة من لبنان لم تُلغها في فرنسا. فبعد أكثر من عام، وتحديداً في حزيران 2006، وردت إلى القضاء اللبناني (عبر وزارة الخارجية ثم رئاسة مجلس الوزراء فوزارة العدل) استنابة من القضاء الفرنسي يطلب فيها قاضي التحقيق في مدينة بونتواز الفرنسية استجواب من حصلوا على جوازات السفر الفرنسية، وبينهم سليمان وجزيني والموسوي وأفراد عائلاتهم.

القضية انتشرت في الأوساط السياسية اللبنانية، لكنها بقيت في خانة ما يُقال همساً. يعرفها الجميع، من دون ان يعلنها أحد على الملأ. وازداد انتشارها بعدما ذكرتها صحيفتان فرنسيتان (لو بوان ولوفيغارو) في تشرين الثاني 2007. رغم ذلك، بقيت خاضعة لقانون الصمت، من دون أي مبرر، سوى التواطؤ بين رجال السياسة والأمن والإعلام. في شباط 2013، نشرتها «الأخبار»، نقلاً عن الصحيفتين الفرنسيتين، وعن واحدة من برقيات السفارة الأميركية في بيروت التي نشرها موقع «ويكيليكس». في الأخيرة، يقول السفير الفرنسي السابق في بيروت برنار إيميه: «(ميشال) سليمان لديه مشكلات قانونية في فرنسا، بسبب حصوله على جوازات سفر فرنسية (ألغيت في وقت لاحق) له ولعائلته، بواسطة وثائق مزورة». ثم تنقل الوثيقة عن إيميه قوله: «حتى لو مَنحت سليمان تأشيرة دخول لزيارة فرنسا، لا أستطيع ضمان عدم توقيفه عند وصوله».

بالتأكيد، جرى تجاهل ما نشرته «الأخبار». المواقع الإلكترونية التي لا تفوّت شاردة أو واردة من دون نشرها بلا أي تدقيق، تعاملت مع الفضيحة كما لو أنها غير موجودة. كذلك فعلت معظم شاشات التلفزة. فضيحة يمكنها أن تهزّ عرش أي رئيس شرعي منتخب، إلا في جمهوريات الموز كالتي نعيش فيها.

ويُقال في المجالس السياسية والأمنية والقضائية العارفة بهذه القضية إن مذكرة التوقيف الفرنسية بحق سليمان بقيت سارية المفعول إلى ما بعد انتخابه رئيساً للجمهورية، وإنه لولا تدارك القصة قبل أول زيارة لسليمان لباريس بعد انتقاله من اليرزة إلى بعبدا، لدوّت الفضيحة في أرجاء المعمورة، على شكل توقيف رئيس للجمهورية في دولة أجنبية أو منعه من دخولها، لكونه قد حصل على جواز سفر مزوّر.

قانون الصمت الساري على «ارتكابات الغني» (كما على «موتة الفقير») بقي كاتماً الفضيحة ذاتها. وعندما أعادت «الأخبار» التذكير بها قبل 5 أسابيع، خرج مقربون من رئيس الجمهورية لينفوا القصة من أساسها. اليوم، تنشر «الأخبار» نص وثيقة تثبت صحة ما ذكرته سابقاً، وهي الاستنابة التي بعث بها قاضي التحقيق الفرنسي إلى القضاء اللبناني، عبر وزارة الخارجية، والتي تتضمن ثابتة لا لبس فيها: ميشال سليمان حصل على جواز سفر فرنسي «ملفّق»، باستخدام وثيقة ولادة مزورة.

فضيحة لا نزال نأمل أن تدفع ميشال سليمان إلى مصارحة الرأي العام بشأنها. وفي حال صحتها، فهي بلا أدنى شك إهانة للبنانيين، ينبغي لمرتكبها الاعتذار عنها وإعلان استقالته من منصبه، ومن الحياة السياسية.

للاطلاع على صور الوثيقة (أنقر هنا)

http://www.lefigaro.fr/international/2007/12/01/01003-20071201ARTFIG0011...

http://www.lepoint.fr/actualites/2007-11-08/le-faux-passeport-francais-d...

http://wikileaks.org/cable/2007/08/07BEIRUT1175.html

الجمهورية اللبنانية

رئاسة مجلس الوزراء

رقم الصادر: 40/س

رقم المحفوطات

بيروت في 16/6/2006

الموضوع: إحالة شخصين إلى النيابة العامة التمييزية

المرجع: كتاب وزير خارجية فرنسا رقم 461/CH تاريخ 17/3/2006

نودعكم ربطاً كتاب معالي وزير الخارجية الفرنسية المتعلق بإنابة القضاء اللبناني التحقيق في ما يتعلق بقضية للسيدة رشيدة لبصير والسيد عبد الغني بتكا.

للتفضل باحالته مع المرفقات الى المرجع القضائي المختص لإجراء المقتضى.

أمين عام مجلس الوزراء

سهيل بوجي

وزارة العدل

تاريخ الورود 20 حزيران 2006

الرقم 3774/3

جانب النيابة العامة التمييزية

المدير العام لوزارة العدل

القاضي عمر الناطور

22 حزيران 2006

***

محكمة الاستئناف في فرساي

محكمة المرافعات الكبرى

في مدينة بونتواز (Pontoise)

مكتب قاضي التحقيق

السيد فابريس نوده (Fabrice Naudé)

إنابة قضائية دولية

رقم النيابة: 0506000817

رقم التحقيق: 18/05/8

(...)

نحن السيد فابرس نوده (Fabrice Naudé) قاضي التحقيق لدى محكمة المرافعات الكبرى في مدينة بونتواز للتحقيق المشار إليه إعلاه متبوعاً بالتهم التالية:

الإخفاء

تزوير وثائق خاصة واستعمال وثائق مزورة

تزوير وثائق إدارية واستعمال وثائق مزورة

الحصول على وثائق إدارية بطريقة غير مشروعة

وهي الأعمال المرتكبة في مدينتي سيرجي وبونتواز خلال سنوات 2003 و2004 و2005 وعلى كافة الأحوال على الأراضي الوطنية ومنذ مدة لم تخضع لقانون التقادم

الأعمال المنصوص عليها والمعاقبة طبقاً للمواد 1ـ321 و3ـ321 و4ـ321 و9ـ321 و10ـ321 و1 ـ 441 و2ـ441 و6ـ441 و9-441، و10ـ411 و11ـ411 من القانون الجنائي.

الاستدعاء المتمم بتاريخ 13/04/05

تزوير وثائق إدارية واستعمال وثائق إدارية مزورة بصورة اعتيادية

الحصول على وثائق إدارية بطريقة غير مشروعة

حيازة الوثائق الإدارية المزورة

النصب والاحتيال

الغش للحصول على مخصصات منحة الإندماج الأثني (R.M.I)

الغش للحصول على مخصصات المنح الاجتماعية

وهي الأعمال المنصوص عليها والمعاقبة طبقاً للمواد 1ـ313 و3ـ313 و7ـ313 و8ـ313 و3ـ 441 و5-441 و6ـ441 و9ـ441 و10ـ441 و11ـ411 من القانون الجنائي والمواد 1ـ 377 L و5ـ377 L و1ـ554 L و3-554 L من قانون الضمان الاجتماعي والمادة 46ـ262 L من قانون العمل الاجتماعي والعوائل.

الاستدعاء المتمم بتاريخ 19/07/05

إخفاء وثائق إدارية مزورة

استعمال وثائق ادارية مزورة

الغش للحصول على مخصصات منحة الاندماج الأثني (R.M.I)

الغش للحصول على مخصصات المنح الاجتماعية

وهي الأعمال المنصوص عليها والمعاقبة طبقاً للمواد 1ـ313 و3ـ313 و7ـ313 و8ـ313 و3ـ 411 و5-441 و6ـ441 و9ـ441 و10ـ441 و11ـ411 من القانون الجنائي والمواد 1ـ 377 L و5ـ377 L و1ـ554 L و3-554 L من قانون الضمان الاجتماعي والمواد 1ـ115 L و3ـ262 L و46ـ262 من قانون العمل الاجتماعي والعوائل.

السيدة لبصير رشيدة (Mme Lebcir Rachida) مسجونة في مدينة فرساي (Versailles):

تاريخ الإيداع: 13/04/05، التمديد بتاريخ 13/08/05

المولودة بتاريخ 20/09/56 في مدينة الجزائر العاصمة (الجزائر)، والداها أحمد لبصير (Ahmed Labcir) ومسعود قاديري (Massoud Kadiri)، مهنتها مساعدة علمية

الساكنة على عنوان22, allée de la Gerboise 95000 Cergy

التي يدافع عنها المحامي الاستاذ جيل بارويل (Me Gille Paruelle)

السيد بتكا عبد الغني (M. Betka Abdelkani) الطليق

المولود بتاريخ 02/01/78 في مدينة شلال ميسلة (Chelal Mesila) (الجزاير)، والداه عامر (Ameur) وأودينا أم هاني (Oudina Oumhani) بدون مهنة

الساكن على عنوان 21,rue de la Gerboise 95000 Cergy

الذي تدافع عنه المحامية الاستاذة كريستيل مونكونكوي (Me Christelle Monconcou)

وهما الشخصان الموضوعان رهن التحقيق

(…)

لاستحالة المباشرة بإجراء الأعمال الضرورية (…) ومن قبلنا شخصياً،

لنا الشرف أن نلتمس من السلطات المختصة في لبنان القيام بالإجراءات المبينة أسفله، وإرجاع هذه الإنابة القضائية إلينا في أقرب الآجال، مصحوبة بالوثائق الدالة على تنفيذها،

حرر في مدينة بونتواز بتاريخ 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005.

التوقيع

قاضي التحقيق

السيد فابريس نوده (Fabrice Naudé)

***

عرض الوقائع

(...)