تراجعت إلى حدّ بعيد موجة التفجيرات الإرهابية التي شهدتها الساحة اللبنانية في الأشهر الأخيرة، بعد إعادة سيطرة وحدات من الجيش السوري على القرى والبلدات الحدودية، التي كانت تُعتبر مصنعاً للسيارات المفخخة التي تُرسل من قبل الجماعات الإرهابية، لكن ذلك لا يعني أن خطرها إنتهى فعلياً، بحسب ما يؤكد أكثر من مصدر مطلع لـ"النشرة"، إلا أن احتمال حصول مثل هذه الأعمال بات ضعيفاً جداً إلى حد بعيد.

وفي هذا السياق، تشير مصادر متابعة إلى أن أغلب السيارات التي إنفجرت في الداخل اللبناني كانت تأتي من بلدة يبرود السورية عن طريق بلدة عرسال اللبنانية، ومن ثم توزع على المناطق المختلفة عبر طرق شرعية وغير شرعية، وتلفت إلى أن تزامن الخطة الأمنية، التي تنفذ في أكثر من منطقة مع الإنجازات التي تحققت على الصعيد السوري، أدى إلى قطع هذه الطريق بشكل شبه تام.

وتوضح هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الخطر الكبير، الذي كان قائماً قبل أشهر قليلة، كان يأتي من 3 مصادر رئيسية: تصنيع السيارات المفخخة الذي يحصل داخل الأراضي السورية، التركيب الذي كان يحصل في منطقة جرود عرسال، التحضير أو التجهيز الذي كان يحصل في بعض المناطق اللبنانية.

وتؤكد المصادر أن الأساس كان في المصدر الأول، وهذا الأمر تم الإنتهاء منه بنسبة تقارب 95%، بعد العملية العسكرية التي حصلت في منطقة جبال القلمون السورية، لكن هذا لا ينفي إمكانية التصنيع في مناطق سورية أخرى، إلا أن عملية النقل إلى الداخل اللبناني باتت صعبة جداً.

أما بالنسبة إلى عملية التركيب التي كانت تحصل في جرود عرسال، توضح المصادر أنه تم وضع حد لها أيضاً بنسبة كبيرة من خلال عملية دخول وحدات الجيش اللبناني إلى البلدة، وتشير إلى أن عدد السيارات التي كان يتم الحديث عن دخولها إلى لبنان من أجل تجهيزها في هذه المنطقة يقارب العشرين.

وعلى صعيد عملية التجهيز في بعض المناطق اللبنانية الأخرى، تشير المصادر إلى أن خطرها لا يزال قائماً، لكن نسبة النجاح ضعيفة إلى حد ما، لأن التجهيز السريع يعني أن لا إمكانية لتحضير أي عملية كبيرة، كما أن خطر الإنكشاف كبير جداً.

وفي هذا الإطار، تؤكد المصادر أن الاحتمالات السلبية التي كانت قائمة قبل نحو 3 أشهر تراجعت إلى ما بين 10 و15% في المرحلة الراهنة، وترى أنه مع إستمرار التدابير الأمنية المتخذة، لا سيما في منطقة الضاحية الجنوبية، من الممكن أن تتراجع أكثر.

من جهة ثانية، توافق مصادر أخرى أن لبنان بات أكثر أماناً من السابق بالنسبة إلى السيارات المفخخة، لكنها تشير إلى أن المخاوف تبرز من حصول عمليات إنتحارية عبر إستخدام أحزمة ناسفة تستهدف بعض التجمعات، على الرغم من وجود تدابير أمنية مهمة، لاسيما أن الجنون الإنتحاري، من وجهة نظرها، لا يخضع إلى أي منطق.

وتشير هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن أي جريمة إرهابية قد تحصل في المرحلة المقبلة سيكون مصدرها الداخل اللبناني بالإحتمال الأكبر، وهذا الأمر من الممكن المساعدة في منع حصوله من خلال التعاون بين المواطنين والهيئات المحلية والأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى منع توفير أي بيئة حاضنة له في أي منطقة، وتشدد على أن أجواء التهدئة السياسية القائمة حالياً تساعد كثيراً في هذا الأمر.

في المحصلة، لم ينته خطر العمليات الإرهابية على الساحة اللبنانية، كما قد يظن البعض، على الرغم من الحد من خطرها، ولا يزال المطلوب أكثر، لا سيما على صعيد متابعة أي تحركات مشبوهة، ودور كل مواطن أساسي في هذا العمل.