خرج ​حمزة الحاج حسن​ صباحا من منزله الثاني في قناة "المنار" متوجهًا إلى سوريا لتغطية تحرير معلولا، خرج لصناعة ونقل الخبر فأمسى هو الخبر الأليم، خرج ضاحك "المنار" ولم يعد، سوى برتبة إعلامي شهيد.

لم يعلم محبّو حمزة في "المنار" أنّ وداعهم له صباح أمس سيكون الأخير، وأنّ بسمته المعتادة التي خرج بها عند التاسعة من مبنى القناة ستصبح ذكرى يتحدّثون عنها والدمعة تسيل من عيونهم، فحمزة الحاج حسن سيعود لهم شهيدًا، ومكتبه في "المنار" سيفتقد وجوده.

عند الثالثة تقريبًا من بعد ظهر الاثنين، كان حمزة الحاج حسن، محمد منتش، حليم علوه، محمد قصاص وجعفر حسن في موكب إعلامي لقناة "المنار" داخل بلدة معلولا في سوريا، وكان عدد من مقاتلي "حزب الله" يرافقون الموكب المتوجه إلى نقطة داخل معلولا من أجل البث المباشر، ولكن الموت كان يكمن لهم في منتصف الطريق متجسّدًا بمجموعة من الارهابيين المختبئين في احدى مغاور البلدة التي كانت ترفع يومًا الصلاة إلى الله فتحوّل جسد حمزة إلى محور الصلاة من أجله.

كمن المسلحون للوفد الاعلامي وصبّوا جام رصاصهم على الوفد الذي كان يقود سيارات عليها اشارات الإعلام، فأصيب حمزة الذي كان داخل إحدى السيارات في صدره وخاصرته وقدميه وفارق الحياة على الفور، كما استشهد مسؤول النقل المباشر حليم علوه والمسؤول بإعلام المقاومة الاسلامية الحربي محمد منتش، وايضاً اصيب المصور محمد قصاص وجعفر حسن اصابات متوسطة، اضافة الى مقتل عنصرين آخرين من "حزب الله" في الكمين.

حسن حمزة الذي يجلس على يسار الشهيد في مكاتب "المنار" لبس صدفة صباحا قميص حمزة بسبب تغطية طارئة، فخزانة الشهيد يتقاسمها مع حسن الذي وصف في حديث لـ"النشرة" علاقته بالشهيد بالعلاقة الاخوية التي لا تقتصر على الزمالة. ويقول: "كنت أشاركه في الكثير من الامور كالخزانة وتلفون المكتب، فجمعتنا حوادث لطيفة". ويشير حسن إلى أنّ حمزة سقط شهيدا ضمن سلسلة الشهداء الذين قدّمتهم قناة "المنار"، ويؤكد "اننا سنبقى على هذا الخط سواء ضد اسرائيل ام التكفيريين وسنبقى نعمل لاجل إظهار الحقيقة".

أما علي رسلان صاحب المكتب على يمين الشهيد فلم يجد من الكلمات المناسبة لوصف حمزة، فاختصر الحديث ببعض العبارات التي تحكي واقع الحال، فصعب جدا حسب علي أن تتكلم عن شخص تراه قربك يوميا. ويضيف علي في حديث لـ"النشرة": "نعمل في مؤسسة قدرها التضحية، ونعلم جيدا أين نحن ذاهبون"، ويضيف متوجها للشهيد: "الفراق صعب جدا يا صديقي ولا أتخيّل نفسي أدخل العمل صباحا ولا أراك على مكتبك وقد أحضرت لي القهوة الصباحية، "نيالك" على كل شيء".

أعلم يا صديقي وزميلي أنّ الشهادة كانت أمنية لديك، وقد أخبرتني بهذه الأمنية أكثر من مرّة، إلا أنني لم أتخيّل يوماً أن أكتب مقالا لأنعيك. إنّ فقدانك خسارة كبيرة لأهلك وأصدقائك وعائلتك الاعلامية، فأنت رحلت باكرا تاركاً خلفك الصيت الحسن والبسمة التي لا تفارق وجهك، وأنت بعيون كل من عرفك إعلامي متميز بحضوره وكبير بأخلاقه. كل الاعلام هنأ بشهادتك ونحن بدورنا في صحيفة "النشرة" الالكترونية نتقدم من عائلتك الصغيرة ومن "المنار" عائلتك الكبيرة بأحر آيات التبريك على استشهادك.

رحلت يا حمزة وبقي كلامك الأخير وصية لزملائك الذي يؤكدون أنّهم على نفس الخط: "سقطنا شهداء ولم نركع، انظروا دماءنا وتابعوا الطريق".