يُسيطر "الحلم" الرئاسي على أغلب مناقشات نواب تكتل "التغيير والإصلاح" وقيادات "التيار الوطني الحر" في هذه المرحلة. من أجل ذلك يذهب هؤلاء بعيداً في توقعاتهم، لا بل يتصرفون على أساس أن العماد ميشال عون أصبح فعلاً رئيس الجمهورية، رغم رفضهم لتصويره مرشحاً بوجه أي من الشخصيات المارونية البارزة، لا سيما كلاً من رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ ورئيس حزب "الكتائب" ​أمين الجميل​.

حتى الساعة، لم يُعلن رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" ترشحه إلى الرئاسة كما فعل بعض منافسيه، وليس هناك دستورياً ما يفرض عليه ذلك للدخول إلى المعركة، لا بل هو يتعمد ذلك من ضمن إستراتيجية واضحة تمنع إحراق أسهمه باكراً في البازار القائم.

في هذا الوقت، تبدي مصادر نيابية مقربة من العماد عون تفاؤلها بوصوله إلى الكرسي الرئاسي، نتيجة تسوية إقليمية دولية لم تظهر معالمها الواضحة بعد، وتلمح إلى إشارات أميركية تبلغها بالموافقة على ذلك من دون الحديث عن المزيد من التفاصيل، وتؤكد أن الحلفاء لن يتركوا "الجنرال" في هذه المعركة، إلا أنها تشير إلى أنه بحاجة إلى تبني رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، خصوصاً أن دعم الخصمين المسيحيين غير وارد.

ولا ترى هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أن هذا الأمر من باب المستحيلات، خصوصاً أن "الشيخ" لم يتبنّ أياً من مرشحي قوى الرابع عشر من آذار حتى الآن، لا بل أن بعض المقربين منه يشيرون إلى أن إحتمال التسوية مع قوى الثامن من آذار في هذا الإستحقاق هو الأكبر، وبالتالي عندها من الممكن طرح كل المعادلات على طاولة التفاوض، ومن بينها معادلة: "عون في بعبدا مقابل الحريري في السراي".

وعلى الرغم من هذه النظرة التفاؤلية، لم يرشح أي جديد من اللقاءات التي عقدت في نهاية الأسبوع المنصرم في الرياض، لا بل أن جميع المعطيات تشير إلى أن السعودية لم تحسم توجهها حتى الساعة في الإستحقاق الرئاسي، وتلفت مصادر نيابية في كتلة "المستقبل" إلى أن من المرجح تبني مرشح من قوى الرابع عشر من آذار أو الذهاب نحو مرشح توافقي، في حال كانت هناك مؤشرات جدية لذلك.

وتعتبر المصادر نفسها، في حديث لـ"النشرة"، أن الأمور ستتضح أكثر في الأيام القليلة المقبلة عند دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى جلسة إنتخابية، لكنها تؤكد أن "المستقبل" لن يذهب إلى أي خيار بعيداً عن الحلفاء المسيحيين المعنيين الأساسيين بهذا الإستحقاق.

على صعيد متصل، ترى مصادر متابعة أن من المستبعد أن يعمد الحريري إلى تبني ترشيح عون، لا سيما في الجلسة الأولى من الإنتخابات، خصوصاً أن هذا الخيار سيكون له تداعياته الخطيرة على العلاقة المتوترة أصلاً مع الحلفاء، وتشدد على أن ذلك لا يمكن أن يأتي إلا من ضمن تسوية دولية وإقليمية شاملة لا يبدو أنها على الأبواب.

وتوضح هذه المصادر، في حديث لـ"النشرة"، أن التوافق على إنتخاب رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" رئيساً للجمهورية في حال حصوله يكون بقرار أميركي حاسم وصارم، لا سيما أن أياً من السعودية أو "المستقبل" لن يقدم على ذلك، في حال كانت له حرية الإختيار، لكنها تسأل: "هل هناك من هو على إستعداد للتضحية بقوى الرابع عشر من آذار، وما هو الثمن مقابل ذلك؟"، وتؤكد أن هكذا قرار لن يمر مرور الكرام لدى حزبي "الكتائب" و"القوات اللبنانية"، خصوصاً أنه يكرس عون زعيماَ أول في الساحة المسيحية بقرار من الحليف "المستقبلي".

في المحصلة، تشدد المصادر، التي تؤكد أن ليس هناك من مستحيلات في الحياة السياسية اللبنانية، على أن ما يجري الحديث عنه في أوساط "التيار الوطني الحر" بشكل أساسي ليس بالقرار البسيط، وبالتالي لا يمكن أن يكون بالسهولة التي يتم الحديث عنها.