ذكرت "الاخبار" ان "تسليم قائد محور المنكوبين ـ البداوي في ​طرابلس​، ​عامر أريش​ (كنيته عمر أحمد إبراهيم) نفسه إلى استخبارات الجيش مساء أول من أمس، مثل نقلة نوعية في الخطة الأمنية لطرابلس"، واشارت الى ان "أهمية تسليم أريش نفسه، هي أنه واحد من قادة المحاور البارزين في المدينة وأخطرهم. فنفوذه امتد في السنوات الأخيرة ليشمل منطقتين متجاورتين وحسّاستين، لوقوعهما عند مدخل المدينة الشمالي، الذي تحكّم فيه أريش وأنصاره، لجهة قطعه عند أي مناسبة، إضافة إلى فرضهم "الخوات" على شاحنات نقل سورية وغيرها أثناء عبورها".

وفيما أحدث تسليم أريش نفسه مفاجأة، تخوفت أوساط إسلامية، في ضوء التطورات الأخيرة، من حل قضايا قادة المحاور تباعاً، ومن أن "تطلع الفشّة" ببعض الإسلاميين، وعلى رأسهم حسام الصباغ وأسامة منصور وأمثالهما من المطلوبين.

وكشف مصدر أمني لـ"الأخبار" أنه سبقت خطوة أريش اتصالات لتسهيل حصولها، وسلم أريش نفسه وبرفقته مطلوب آخر هو جمال المانع. ولم يستبعد المصدر بعد ذلك أن يسلّم مزيد من المطلوبين أنفسهم أيضاً. وأوضح ان "قسماً كبيراً منهم ينتظر دوره للقيام بمثل هذه الخطوة، وخصوصاً ممن لا تتضمن ملفاتهم اتهامات كبيرة، مثل الاعتداء على الجيش أو القيام بأعمال إرهابية".

لكن المصدر الذي رأى أن "أغلب من حملوا السلاح في طرابلس هم من ضحايا القوى السياسية المتصارعة، الذين استخدموهم ثم تخلوا عنهم"، كشف أنه لم يبقَ من قادة المحاور والمطلوبين باستنابات قضائية، في طرابلس، سوى "عدد محدود لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وأن أغلبهم غادرها إلى مناطق أخرى، مثل عكار والمنية والضنية، أو إلى خارج لبنان".

"الخروج الكبير"، كما وُصف، لقادة المحاور من طرابلس مساء الخميس، وفجر الجمعة الماضيين، كشفت بعض تفاصيله مصادر سياسية مطلعة، إثر الاشتباك المسلح الذي وقع الأربعاء الماضي بين الجيش ومسلحين في منطقة باب التبانة، وكاد يطيح الخطة الأمنية. فقد أوضحت المصادر أنه بعد التدهور الأمني، توجه وفد من المشايخ من هيئة علماء المسلمين وفعاليات طرابلس، يرأسهم الشيخ سالم الرافعي، إلى منطقة باب التبانة، بهدف إقناع قادة المحاور ومسلحين بعدم الاصطدام مع الجيش، لما في ذلك من مخاطر جمة.

وكشفت المصادر أن الوفد بقي في المنطقة قرابة 16 ساعة متواصلة، امتدت من الثانية عشرة من ظهر الخميس حتى الرابعة من فجر الجمعة، حيث عقد عدة لقاءات في أحد منازل باب التبانة، مع معظم قادة المحاور ومسؤولي المجموعات المسلحة، كان من بينهم أريش نفسه.

وبحسب المصادر، فإن اللقاءات تضمّنت "مصارحة قاسية ومؤلمة، قيل فيها كلامٌ يقال لأول مرة". فقد اتهم الوفد قادة المحاور والمسلحين بأنهم يعبثون بأمن المدينة، مقابل اكتسابهم شهرة إعلامية وأموالاً من داعميهم، وأنهم لا يدافعون عن أهل المنطقة وكرامتها كما يدّعون، وأن شعار الإسلام الذي يرفعونه لا يُخوّلهم أو يبيح لهم أن يفرضوا الخوات على التجار، ويعتدوا على المواطنين.

وأشارت المصادر إلى أن "الصراحة بلغت في بعض هذه اللقاءات أوجها، عندما دعا الوفد قادة المحاور والمسلحين للذهاب إلى سوريا إذا كانوا يريدون الجهاد، لا أن يرفعوا السلاح في وجه أهل مدينتهم". وأكد لهم الوفد أنه "يرفض نهائياً تورّط المنطقة في مواجهة مع الجيش، وأن هيئة علماء المسلمين لن تغطي المسلحين إذا اصطدموا مع الجيش، حتى لو بنقل أو مساعدة أي جريح منهم". هذه المكاشفة والضغوط دفعت قادة المحاور والمسلحين المطلوبين للقضاء للخروج جماعياً من مدينة طرابلس في الساعات التالية، من دون أسلحتهم وباتجاه مناطق شمالية أخرى.

منذ ذلك الحين، تلاحقت التطورات الإيجابية على الأرض، فأوقف الجيش قائد محور الأميركان في جبل محسن سليمان العلي، المعروف بـ"الجبار"، وكذلك ماهر ضناوي في باب التبانة، في موازاة زيارة لافتة لقائد سرية درك طرابلس العميد بسام الأيوبي إلى رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ أسد عاصي في جبل محسن.