نظّم قسم الفلسفة في كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية -مختبر صوفيا في ​جامعة الروح القدس​-الكسليك طاولة مستديرة بعنوان:"مذكرة بكركي الوطنية، لإعادة النظر في ثوابت الدولة اللبنانية: حول الميثاق والدستور"، في قاعة المحاضرات في الجامعة.

افتتحت البروفسورة ماري فيّاض، رئيسة قسم الفلسفة ومديرة مختبر صوفيا وأستاذة في فلسفة القانون في جامعة الروح القدس – الكسليك الجلسة فأشارت فيّاض إلى أنّ "مذكّرة بكركي الوطنية هي دعوة للتوقّف عند كلّ ما يمكن أن يكون إيجابيًّا في إعادة النظرفي ثوابت الدولة اللبنانية. فهذه المذكّرة هي حتمًا جرس إنذارٍ في منطقةٍ وبلدٍ مشوّشيْن ومبتوريْن، جرسٌ يفرض على كافّة العناصر السياسية اللبنانية المتنازعة تغيير مواقفها كليًّا من أجل الوصول إلى الحقيقة والتفكير في ما يجب أن يقولوه والتصرّف انطلاقًا من اتّفاقٍ متبادلٍ من أجل إنقاذ ما بقيَ من مرونةٍ خاصةٍ للتركيبة الإنسانية اللبنانية المتعلّقة بالصفات الفردية للسكان والتي تؤدّي إلى استمراريته".

ثم كانت كلمة لمديرة الجلسة عميدة كلية الفلسفة والعلوم الإنسانية البروفسورة هدى نعمة التي لفتت إلى"أن مذكرة بكركي، التي تتشكل من 20 صفحة، تسلّط الضوء على الميثاق الوطني الذي يستند إلى الثوابت والمخاوف والأولويات الوطنية وعلى العيش المشترك والنسيج اللبناني". واعتبرت "أن نزوح آلاف السوريين إلى لبنان يضعف التوازن الطائفي الهشّ ويصبّ في مصلحة الطائفية والحروب العادلة وغير العادلة التي تشكل الخبز اليومي للبنانيين وسكان المنطقة".

وتوقّف البروفسور بشارة منسّى عند ثلاث محاور أساسية: الأوّل يتمحور حول اثنتيْن من حالات سوء التفاهم بين التيارات السياسية واثنتيْن من التجاوزات اللتيْن تذكرهما المذكّرة، الأولى هي المصلحة الوطنية التي تترجمها كلّ المجتمعات على طريقتها والحالة الثانية تتعلّق بترجمتنا للديمقراطية التوافقية. أمّا بالنسبة إلى التجاوزات، فالأولى ترتبط بتأجيل أي ولاية في السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والإدارية لتاريخٍ غير محدّدٍ بذريعة عدم التوافق على قانونٍ انتخابيّ. والتجاوز الثاني يتمحور حول مَنحِ مكانة شبه حكومية وعسكرية ودبلوماسية ونظام تعليمي ووزارة صحةٍ للمجتمعات حيث يحلّ المجتمع مكان الدولة من دون السماح لولادة النظام الفيدرالي أو المركزية في المناطق. تطرّق البروفسور منسّى في المحور الثاني إلى مسألة مصلحة الحيادية الإيجابية، وفي المحور الثالث كان التركيز على السؤال التالي: "بغضّ النظر عن الصراع الفلسطينيّ، إذا كانت الحيادية في لبنان غير موجودة، فما هي الاحتمالات الأخرى التي يمكن توقّعها؟"

وتحدّث الوزير السابق جورج قرم عن الناحية الاقتصادية متسائلا عن كيفية بناء دولةٍ منتجةٍ على المستوى الاقتصادي. فكانت احتمالات الإجابة عديدة ومنها محاربة المحسوبية السياسية والعمل من أجل المركزية الإدارية ذات التمويل المتوازن والمداخيل الملائمة البعيدة عن الفساد ثمّ محاربة الفقر والبطالة واستحداث فرص عمل للشباب اللبناني تتناسب مع قدراتهم وطموحاتهم.

ختامًا، كانت مداخلة للأب يوحنا عقيقي بعنوان "قراءة في فلسفة الأخلاق انطلاقًا من المذكّرة الوطنيّة"، الذي لفت الى ان المذكّرة اشارت إلى أن "الحريّة والتعدديّة التي نعم بهما لبنان، لم تأتيا من داخل الطوائف بذاتها، بل من الفكرة التأسيسيّة التي قام عليها المشروع اللبناني" مشروع بناء الوطن".

وقال: "الحلّ، كما تراه بكركي وتبشّر به، لا يكون إلّا في الوعي العملاني للمشروع الوطني "والعودة إلى جوهر الميثاق"، "والتمسّك بالصيغة"، في سبيل انتاج "دولة عادلة" تخدُمُ الإنسان. وهذا الوعي يتجسّدُ عمليًّا في التحذير من الاستمرار بسياسات خيانيّة للميثاق".