منذ تسلمه وزارة الخارجية، بات الوزير ​جبران باسيل​ الشغل الشاغل للدبلوماسيين اللبنانيين. يشكو مخضرمون من طريقة تعامل الوزير معهم. يهز أحدهم رأسه احتجاجاً ليقول بأسى: «الله يعيننا». أولى خطوات الوزير «الخارجة عن الأعراف» تمثلت بإقفال الباب بين مكتبه ومكتب الأمين العام للوزارة، السفير وفيق رحيمي. درجت العادة منذ عقود، على ألّا يمر الأمين العام بأي «وسيط» للتواصل مع الوزير. لكن باسيل أجبر رحيمي على المرور بسكرتيرته.

الأمر لا يقتصر على الأمين العام الذي يجري التعامل معه كشريك في إدارة الوزارة، يقول دبلوماسي «غاضب». فالوزير سلّم مكتبه لدبلوماسي برتبة سكرتير، سبق أن نُقل «تأديبياً» من إحدى السفارات في أوروبا. وبات على المديرين في الوزارة (جميعهم سفراء) أن يضعوا بريدهم في عهدة السكرتير (وهو أقل رتبة منهم) المذكور، ليضع ملاحظاته على بريدهم، قبل أن يعطي بعضهم «تعليمات» باسم الوزير، لإدخال تعديلات على الوثائق التي يعرضونها على باسيل.

ويشكو دبلوماسيون من أسلوب التعامل الشخصي معهم، الذي يصفونه بـ«السيئ»، فيما يستخدم بعضهم عبارات أقسى لوصف أداء وزير الخارجية. ففي إحدى المرات، طلب سفراء لقاء باسيل، فمنحهم موعداً تزامن مع موعده اليومي لتناول الغداء. وعندما وصل المعنيون، طلب من سكرتيرته أن تسألهم الانتظار لحين فراغه مما يقوم به. وفي حادثة أخرى، طلب مديرون في الوزارة (جميعهم سفراء) موعداً للقاء الوزير، فلم يحدد لهم موعداً، إذ طلبت منهم سكرتيرته الانتظار إلى حين الانتهاء من عمله بعد الظهر. وهؤلاء معتادون أن يلتقوا الوزير الذي يعملون معه يومياً في أي وقت فراغ متوافر لديه، «بين موعد وآخر» ولدقائق معدودة. فمطالبهم مرتبطة في العادة بشؤون عملية في الوزارة، وهم يطلبون تعليمات سريعة، ثم يغادرون. وبعدما التقى هؤلاء بباسيل، خرجوا غير راضين.

قد يكون الدبلوماسيون «حساسين زيادة عن اللزوم» إزاء «الشكليات»، لكن بعضهم يؤكد أن «سوء أداء باسيل ليس محصوراً بكسره أعراف التعامل مع السفراء». فبعض الدبلوماسيين يلفت إلى أن الحكومة الحالية هي أشبه بحكومة «تصريف أعمال» إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية. إلا أن باسيل «لا يبدو ملتفتاً إلى ذلك. فهو دعا رؤساء نحو 50 بعثة لبنانية في الخارج، للمشاركة في ورشة عمل بين 30 نيسان و3 أيار 2014، بهدف وضع منظومة عمل للوزارة». مشكلة الدبلوماسيين المعترضين ليست في موعد اللقاء الذي سيحدّد سياسة الوزارة «في الوقت الضائع» وحسب، بل في أنه سيكلّف الدولة اللبنانية أكثر من 400 ألف دولار كبدل تذاكر سفر درجة أولى لرؤساء البعثات الدبلوماسية والقنصلية، وبدل مهمات لهم.

المؤتمر لن يكون يتيماً. فباسيل دعا أيضاً إلى عقد «مؤتمر للطاقات الاغترابية» يومي 30 و31 أيار 2014. وهذا الموعد، يأتي بعد 5 أيام على انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وإذا انتُخب رئيس جديد للجمهورية، فإن الحكومة ستكون مستقيلة حكماً. يتصرف باسيل، بحسب دبلوماسيين غاضبين من أدائه، «كما لو أنه باقٍ في الوزارة إلى الأبد».