لا تتوقع مصادر سياسية متعددة الاتجاه ان تحمل الجلسة التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري لانتخاب رئيس الجمهورية العتيد يوم الاربعاء المقبل في 23 نيسان الجاري اي مفاجآت كأن تكون هناك ورقة مخفية مثلا تسمح او تؤدي الى فوز مرشح معين نتيجة التصويت او ان يبرز تلاق ما يكون معبرا عن اتفاق تم تحضيره وراء الكواليس، فيفاجىء المجلس اللبنانيين بانتخاب الرئيس العتيد في اول جلسة حددت لانتخابه فيما كل السيناريوات والتوقعات لا توحي بوجود امر من هذا النوع. اذ تؤكد المصادر ان التسرع ليس واضحا على هذا الصعيد بل على العكس هناك شعور بأن الجميع متمهلون ولم تنضج الامور على هذا الصعيد بعد في انتظار بلورة جملة امور في الوقت الذي يقول بعض هذه المصادر ان لا شيء يضغط من خارج حتى الان في هذا الاتجاه او ان الضغط في الموضوع الرئاسي لم يبلغ بعد المستوى الذي مورس في موضوع تأليف الحكومة في مرحلتها الاخيرة. وذلك في حين يغلب الاعتقاد ان وجود الحكومة واظهار تناغم وانسجام في العمل يرفع الضغط الى حد كبير من ضرورة انجاز ​الانتخابات الرئاسية​ في موعدها بحيث اذا حصل توافق داخلي ساهم في انتخاب الرئيس المقبول داخليا من ضمن المهلة المفترضة لذلك، فإن ذلك سيكون امرا جيدا ومرحبا به. واذا تعذر توافق اللبنانيين نتيجة الانقسام الحاصل والذي لم يرأب صدعه الجلوس الى طاولة واحدة في مجلس الوزراء فمن المرجح انتظارهم توافقا اقليميا يضغط كما حصل في موضوع تأليف الحكومة .

الا ان ذلك لا يلغي حتمية استعداد كل الكتل لاستحقاق الاربعاء المقبل لجهة اي مواقف تتخذ وفي ظل اي سيناريو، وهو ما سيكون محور لقاءات واجتماعات لدى كل فريق قبل الاربعاء المقبل. لكن مصادر سياسية تخشى في ضوء ما سرب عن نية الرئيس امين الجميل الترشح لموقع الرئاسة الاولى منافسا للدكتور سمير جعجع وهما من فريق 14 آذار ان تؤدي الجلسة الاولى وعلى نحو مبكر الى تشرذم هذه القوى وانقسامها وفق ما خشي كثر من استحقاق الرئاسة الاولى منذ اشهر نظرا الى انه قد يصعب اقناع مرشح بدعم آخر، فيما ان استمرار الترشيحات على نحو متواز من شأنه ان يبعثر الاصوات ويمنع حصول اي مرشح على كل اصوات نواب 14 آذار، فيعطل احدهما الاخر حتى اشعار اخر. وهناك مأزق تواجهه هذه القوى علما انه ليس جديدا وهو يتفاعل منذ اعلان جعجع عزمه على الترشح محرجا جميع حلفائه في قوى 14 آذار والبعض يقول من دون اخذ المشورة والرأي على رغم وجود طموحات عند مرشحين اخرين كالرئيس الجميل الذي يعمل لذلك داخليا وخارجيا منذ بعض الوقت. وهذا المأزق تحديدا لا تواجهه قوى 8 آذار التي وحسب مصادرها تنتظر العماد ميشال عون من اجل ان يعلن ترشحه للرئاسة من اجل ان تعلن بدورها دعمها لترشيحه متى حصل. اذ إن عون، وعلى رغم عدم رغبته وفق ما يبدو في دخول لعبة التنافس مع المرشحين الاخرين، فانه في محصلة الامر لا يستطيع ان يبقى خارجها لوقت طويل. اذ تقول المصادر المعنية انه وعلى رغم ان لا شيء رسميا حصل على صعيد الانتخابات الرئاسية منذ بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس العتيد في 25 آذار المنصرم، فإن هناك جوجلة بعيدة من الاضواء للاسماء بحيث تراجعت فرص مرشحين برزت اسماؤهم وتم تظهير فيتوات معينة على اسماء اخرين وكل ذلك وراء الكواليس فيما تراجعت ايضا وفي المستوى نفسه الترجيحات عن احتمال حصول عون على دعم تيار المستقبل الحريص في المقابل على وحدة 14 آذار وضرورة انقاذها مما يجعله في موقع حرج قبيل الجلسة الاولى يوم الاربعاء المقبل وابعد من دعم العماد عون وفق ما تردد. واستكمالا، فإن ثمة تراجعا ايضا في بورصة الكلام على امكان وصول اي مرشح من قوى 8 او قوى 14 على رغم الدعم العلني. اذ توازي الدعم المعلن لمرشح من هذا الفريق او ذاك تسريبات لا تقفل الباب امام امكان التفاهم على مرشح تسوية بحيث يلعب الافرقاء لعبة مكشوفة ربما هم مضطرون للعبها لاعتبارات متعددة داخلية وخارجية او راغبون في لعبها ايضا من ضمن سيناريو التفاوض الذي يفرض تقديم التنازلات تدريجا ومفادها عدم امكان الخروج من دعم مرشحي الفريقين في المرحلة الاولى تمهيدا للمرحلة المقبلة التي تفرض التفاهم على شخص الرئيس العتيد.

والمأزق الاضافي المعروف بدوره، ولكن الذي قد يبرز اكثر في سياق المسار الى انتخاب الرئيس العتيد، هو الخشية من ان يعطل الزعماء المسيحيون اي فاعلية او تأثير لهم من خلال تنافسهم المشروع ولكن المشرذم ايضا، تاركين للافرقاء الاخرين من الحلفاء من هذا الجانب او ذاك كل الهامش للتأثير او التحكم بمسار اللعبة الانتخابية وعبر هؤلاء الافرقاء ايضا المجال للتأثير الاقليمي لكي يأخذ مداه ايضا ولو ان احدا لا ينكر وجوده اصلا. وليس بسيطا ان تتجه الانظار الى النائب وليد جنبلاط ليس لانه يمكن ان يرجح الكفة في جلسة الانتخاب لمصلحة اي مرشح في حال كان للاكثرية الدور في هذا الاطار فحسب بل لانه يمكن ان يؤمن ان يكون رأس الحربة في تأمين الاخراج المناسب حين يحين الوقت.