يُخطئ مَن يعتقد أنّ رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون أفرغ ما في جعبته الرئاسية وأنّه استسلم أمام الاتجاه الذي يحاول البعض رسمَه.

كلّ مَن يلتقي الجنرال السبعيني يخرج باستنتاجين سريعين: الأوَّل، أنّه ما يزال في عزّ حيويته، وكأنَّ السنين تزيد من نشاطه لا العكس، والثاني أنّه لم يبدأ بعد معركته الرئاسية، لا بل لا يزال في مرحلة الاستطلاع والتخطيط قبل أن يباشرَ «هجومه قريباً جدّاً».

وعلى عكس ما يتصرّف الآخرون انطلاقاً من أنّ جلسة يوم الأربعاء المقبل ستشكّل بداية النهاية، فإنّ للعماد عون رأياً آخر، لا بل خطّة مختلفة سيُفاجئ بها الحلفاء قبل الخصوم، وذلك بعد الانتهاء من هذه الجلسة وفي ضوء ما سيحصل فيها.

«أنا مرشّح توافقيّ، فإمّا أكون كذلك وأعلِن ترشيحي على هذا الأساس، أو لا أكون». بنبرةٍ حاسمة يُردّد العماد عون عبارته أكثر من مرّة، ربّما للدلالة على تمسّكه النهائي بهذا المشروع.

هو مقتنع بأنّه لا بدّ من إنقاذ لبنان على قاعدة التوافق ما بين مختلف شرائحه السياسية والطائفية. ذلك أنّ مرشّح التحدّي سيعني استمرار الأزمات لا بل تفاقمَها على ساحةٍ باتت غيرَ قادرة على تحمّل مزيد من الويلات والتقاتل والصراعات.

من هذا المنطلق، يقارب هو الاستحقاق الرئاسي وعلى أساس «مشروع إنقاذيّ لا مناسبة لتعميق الصراع».

العماد عون حضّر برنامجه ووضعَ فيه أفكاره ورؤيته، وسينشره حالَ إعلان ترشيحه، وكلّ ذلك في ضوء المسار الذي ستسلكه جلسة الأربعاء المقبل. برنامج يجمع بين الرؤية السياسية التوافقية والإصلاح الاقتصادي الفعلي والرؤية المستقبلية له وطريقة مقاربة سلاح «حزب الله» وفق نظرة واقعية مسؤولة.

وخلافاً لما يظنّه البعض، فإنّ تواصل عون مستمرّ مع الرئيس سعد الحريري، إنْ مباشرةً أو بالواسطة، وهو مرتاحٌ لهذا التواصل، ومتمسّك بالمساهمة في سياسة جمعِ الأطراف، وخصوصاً «حزب الله» وتيار «المستقبل»، ليكون «التيار الوطني الحر» ثالثهما.

لكنّ العماد عون ينتفض عندما يسمع «الاتّهامات» التي ساقها البعض ضدّه حول موقفِه في ملفّ سلسلة الرتب والرواتب. «تاريخي يشهد بأنّني لم أعرف المساومات في حياتي، ولو فعلتُ ذلك لكانت الأمور مختلفة عن اليوم».

يكاد الجنرال يُنهي فترة «الاستكشاف» قبل أن يبادر إلى تحريك حجارِه على رقعة الشطرنج بشكلٍ يُفاجئ به الجميع.

الأكيد أنّه قرَّر التحرّك بعد جلسة الأربعاء، والأكيد أكثر أنّه يضجّ حيوية، والبقيّة ستأتي لاحقاً.