لا تحمل صفارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري بدعوته النواب لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية يوم الاربعاء المقبل اي جديد، اذ ان مسار هذا الشوط الرئاسي ونتائجه واضحة قبل انطلاق هذه الجولة، لناحية عدم تمكن الهيئة العامة من انتخاب رئيس نظراً لعدم توفر الغالبية لدى اي من المرشحين الجديين اسوة برئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع عن فريق قوى 14 آذار، في حين ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون يسعى لاخراج ذاته كمرشح عن محور الممانعة وقوى 8 آذار، هادفا لان يكون رئيساً توافقياً على وقع رهانه على تفاهم اقليمي - دولي لوصوله الى بعبدا، في حين عمد رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة «امل» واحد اقطاب التحالف الثنائي الشيعي الرئيس بري لزجه في هذا الاستحقاق على انه مرشح قوى 8 اذار، رغم معرفة بري «المحنك» في هكذا معادلات، ان فريقه السياسي سيدفع بعض تكتل التغيير والاصلاح النائب اميل رحمه لمواجهة المرشح جعجع من خلال ترشيحه في الدورة الاولى يوم الاربعاء المقبل، اذ بهذه الخطوة حدد الرئيس بري الموقع السياسي النهائي للعماد عون الذي يريد الابتعاد عنه بخوض الاستحقاق كرئيس جامع.

وحتى ذلك الحين، مرتقب حسب اوساط في قوى 14 آذار، ان يتم التفاهم مع رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس امين الجميل لعدم الترشح، في ظل الاتصالات التي تجري مع قيادة هذا الفريق وبنوع خاص تيار المستقبل حيث كان زاره كلمن الرئيس فؤاد السنيورة والسيد نادر الحريري موفدان من الرئيس سعد الحريري الذي اجرى اتصالا بالرئيس الجميل، بهدف توحيد الصفوف والتأكيد على وحدة هذه القوى في هذا الاستحقاق ومن ثم بعده...

فالرئيس الحريري حسب اوساط متابعة للملف الرئاسي في هذا الفريق، متمسك بان يتوافق المرشحون الرئاسيون على واحد من صفوفهم على ان تتبناه بعدها هذه القوى، ولا سيما تيار المستقبل، اذ ان الحريري الذي كان اعلن سابقا عن تأييده لترشيح المرشح جعجع، لم يعدل في مواقفه، لكنه بات يكرر ضرورة مطالبة قوى 14 آذار المسيحية للتفاهم على مرشح مع ميله وتياره لدعم الدكتور جعجع الى رئاسة الجمهورية، ولذلك فان الرئيس الحريري كما تقول الاوساط نفسها يحرص على عدم تسمية الدكتور جعجع رغم دعمه له قبل الاتفاق بين المرشحين، حتى لا يقال بأن زعيم الطائفة السنية ورئيس «تكتل لبنان اولاً» يختار الرئيس الماروني، على غرار ما ستقدم قوى 8 اذار اذا ما مضت في ترشيح النائب اميل رحمه في حين ان انظار بكركي هي في اتجاه اختيار احد الاقطاب الاربعة.

وتكمن قوة تفاهم فريق 14 آذار على المرشح جعجع ليس فقط لكونه الاقوى بين المرشحين والاكثر تمثيلا وحضورا سياسياً وشعبياً بل ايضاً لان عدم انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 23 الشهر الحالي، قد تفتح الباب حسب اوساط في تكتل المستقبل على نافذة الجولة التالية، وبذلك فان هذه القوى تكون قد غادرت في حال عدم وصول مشرحها جعجع، محافظة على قوتها، ووحدتها بما يمكن اقطابها في حال دخلت عندها الوساطات الاقليمية - الدولية بعد انفضاض الدورة المقبلة دون نتائج. ان تكون موحدة لمواجهة الاستحقاق التالي سواء اكان ذلك ترشيحاً ايضاً ام من خلال الدخول في مناقشات التسوية المحيطة بالرئيس الجديد.

لكن الحذر لدى قيادة المستقبل تتابع الاوساط تكمن في تفريط قوى 14 اذار المسيحية في وحدتها، لانه ساعة تحين محطة جلوس القوى الناخبة الكبرى اسوة بالرئيس الحريري، التحالف الشعبي الممثل بامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس بري ورئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط او ربما العماد عون في حال قبل مناقشة كيفية الخروج من الفراغ بالتفاهم على رئيس يحظى بدعم الفرقاء، بان تكون قوى 14 آذار المسيحية في موقف ضعف ناتج عن خطئها في ادارة معركتها الرئاسية، لذلك فان ارجاء لقاء الرياض تسمية المرشح جعجع ليس الا تكتيكيا، من اجل اعطاء فرصة كافية لتوافق هذا الجانب حول المرشح جعجع.

لكن الترابط بين ما شهدته السلسلة من تجاذبات ومواقف ومفاجآت وبين الاستحقاق الرئاسي، امر متلازم كلياً بين الملفين اذ تكشف اوساط سياسية ان رءيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي وقع على بنود السلسلة صبيحة يوم استقالته هدفا بذلك زرع لغم امام رءيس الحكومة الذي سيليه والذي توقعه عن او من تيار المستقبل هادفا ان يرمي بثقل هذا الملف لخلفه في رءاسة الحكومة انتقاما من تيار المستقبل والذي استكمل تصفية الحساب معه من خلال تأمين موارد ووسائل الجولة العشرين في طرابلس بهدف تقويض انطلاقة الحكومة ودفع القواعد الشعبية نحو التطرف الذي يواجهه الرءيس الحريري

اذ ان لغم السلسلة جرى تعطيله من خلال تفاهم الكتل التي بقي خارجها التحالف الثنائي الشيعي، اذ في حين اتى موقف قوى 14 اذار مستندا الى دراسات ومعطيات هدفها عدم تحويل لبنان الى يونان ثان، في ضوء الارقام المهلكة والمرهقة والتي تسقط الاقتصاد اللبناني، تلمح الاوساط الى ان موقف النائب جنبلاط «اللاشعبي» المطالب بتوقيف كل السلسلة في هذه المرحلة، استند الى معطيات حصل عليها من حاكم المصرف المركزي رياض سلامة او مسؤولين اخرين حدت به لاتخاذ هذا الموقف بعد مناقشة تمويلها ونتائجها ربما مع سلامه او موفديه الى جنبلاط.

وينطلق موقف تكتل التغيير والاصلاح الرافض لها، من عاملين وفق اوساط في هذا التكتل، اذ يحرص العماد عون ان لا يحصل اي احتكاك او توتر بينه وبين الكنيسة المسيحية والمارونية بنوع خاص لكون المدارس الكاثوليكية تدور في فلكها وان موافقته على الزيادة للمعلمين ستطال المدارس هذه من زاوية ضرورة فرض زيادة على الأقساط في حين ترفض هذه المدارس بالاساس هذه الخطوة، ولذلك هو دعم مواقفها وايد ضرورة استكمال درس السلسلة ومنابع التمويل.

ويندرج العامل الثاني في ان العماد عون يجد ان بعد اللقاء مع الرءيس الحريري خاض عدة تجارب ناجحة مع تيار المستقبل منذ تشكيل الحكومة مرورا بالتعيينات الإدارية وصولا الى انتخابات نقابة المهندسين وان هذا الواقع قد يشكل عامل إيجابي لناحية التفاهم رئاسيا مع الرءيس الحريري ولذلك لا يستبعد وصوله الى قصر بعبدا وهو بات على ثقة بأن السلسلة قد تؤدي لانفجار الوضع الاقتصادي وانسحاب تجربة اليونان على لبنان وسقوط سعر صرف الليرة الى اقل من النصف، واستحالة الاستدانة من الخارج لمعالجة الوضع الا بفوائد عالية لا قدرة على الدولة تحملها. ولذلك فان العماد عون رفضها لانه يراهن في حال وصوله الى رئاسة الجمهورية ان يعطي صورة بأنه افضل رئيس منتخب للجمهورية وليس رئيس حكومة عسكرية مكلف بمهام الرئاسة، وان ما سعى اليه كان من اجل اعطاء هذا الانطباع ولذلك هو لا يريد ان «ينفجر» «اللغم» الذي أعده ميقاتي في عهده.

ولا يعطي موقف الرئيس بري بعد ان فوجئ بتفاهم داخل المجلس النيابي دون علمه المسبق او عدم تواجده ضمنه مؤشرا واضحا على انه مؤيد للسلسلة اذ يعلم رئيس حركة امل الذي يفصل بين تأمين مستقبل مؤيديه وانصاره في مؤسسات الدولة، وبين الاستحقاق المالي الذي لا قدرة للدولة وخزينتها على تحمله وهو ما يجاهر به وزير المالية علي حسن خليل، لكن الرئيس بري الذي يتوجس كما تقول الاوساط من حصول الازمات المالية لدى تولي وزير من حركة امل حقيبة المالية، كما سابقاً مع الوزير الاسبق علي حسن خليل يجاري حليفه في التحالف الشيعي وان موقفه متفهم لمنطق صعوبة التمويل...