وسط تكتم متعمّد من قبل النظام السوري وإعلامه، يتقدّم ​الجيش السوري​ واللجان الشعبية على أكثر من محور بالتوازي مع محافظته على خطوط دفاعه في حلب والجبهة الشمالية عمومًا في مشهد من شأنه إعادة خلط الأوراق قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية التي سيدعو إليها مجلس الشعب السوري يوم الاثنين المقبل في ظلّ مفاوضاتٍ حثيثة بين قيادة الجيش ووجهاء القرى والمدن في الغوطة الشرقية تجنّبًا لمزيد من الخسائر بالارواح والممتلكات، مع الإشارة إلى أنّ زوار العاصمة السورية يتحدّثون عن اقتراب هذه المفاوضات من تحقيق نتائج إيجابية خصوصًا في حال نجاح الجيش في بسط سيطرته على المليحة وداريا بحيث يتوقع هؤلاء تكرار مشهد القلمون وإن كان بصورة مختلفة قليلا نظرا لمحدودية أعداد المقاتلين الأجانب الذين كانوا قد اتخذوا من الجرود ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة مقرات لقياداتهم وتجمعاتهم.

وينقل أحد هؤلاء عن قيادات ميدانية ارتياحا مطلقا لمسار المعارك ليس فقط في الغوطة أو ما تبقى منها بحسب وصفه بل على مساحة الأرض السورية بما فيها الجبهة الشمالية التي ستشهد تحولاتٍ إيجابية في الأيام القليلة المقبلة بعد تفرّغ الوحدات القتالية العالية الخبرة والتدريب من القلمون وتسليمها للجيش النظامي الأقل خبرة وتجيزا كما هي عادة الجيوش النظامية التي غالبا ما تعتمد على اختراقات قواتها الخاصة من جهة وأجهزة مخابراتها من جهة ثانية، ما يعني أنّ مقاتلي النخبة سيتفرغون لمعركة حلب التي لن تكون بأيّ شكل من الأشكال أخفّ وطأة من معارك القلمون أكان لجهة النتائج الميدانية والمعنوية أو السياسية التي سيتم توظيفها بالانتخابات الرئاسية.

في سياق متصل، يكشف الزائر أنّ الجيش السوري انتقل لتنفيذ نفس الاستراتيجية التي مارسها بالقلمون في حمص القديمة، أي التركيز على تحقيق اختراقات استخباراتية تسمح له باصطياد قادة المحاور وتحطيم معنويات المقاتلين تمهيدا لاعادة تنفيذ مشهدي القلمون والقصير، أي الإطباق على كامل مدينة حمص لما لها من اهمية معنوية وسياسية كونها عاصمة المعارضة اولا ونقطة التحول الاستراتيجي في مسار بدايات الازمة وما تلاها من محطات ومصالحات لم تحقق اي شيء للنظام على مدى الاعوام الماضية.

وما يسهل مهام الجيش السوري في حمص، بحسب المصدر نفسه، هو اقفال الحدود مع لبنان والسيطرة على المعابر برمتها اي اطباق الحصار على محافظة حمص البعيدة نسبيا عن مصادر التسليح وعن مراكز الامداد. بيد أنّ الاوضاع في حلب لن تختلف كثيرا سيما ان الانتهاء من الغوطة وحمص والقلمون سيسمح للقوات المسلحة برمتها بالتفرّغ لمعركة حلب، فالمطلوب بالنسبة للمرحلة الراهنة والمحطات المقبلة هو الاكتفاء بالمحافظة على المواقع الراهنة ولو في ظل عدم التقدم بل عدم التراجع والسماح باعادة خلط الاوراق الميدانية وهذا ما يفسر كثافة الغارات الجوية التي ينفذها الجيش السوري في حلب والجبهة الشمالية عموما.

هذا لا يعني بحسب المصدر أنّ النظام في حالة ارتباك، بل على العكس تماما فانه يمر باكثر المرحل المريحة له بعد ان تلقى عددًا من الاتصالات المشجعة على الاستمرار في حريه على الارهاب وهي اتصالات بحسب ما أكد الزائر تحمل الكثير من الدعم المترافق مع سيل من المعلومات التي تساعد على تصفية كبار القادة وهي عادة ما يتم الاستحصال عليها من خلال مراقبة الاقمار الاصطناعية، حتى أن بعض المعلومات تذهب الى حد الاعتقاد بان النظام سينهي المعارك في حمص وحلب قبل الانتخابات الرئاسية السورية.