أوضح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في رسالة الفصح التي وجهها من بكركي، أن "هذا الواقع الجديد ينادي رجال السياسة عندنا في لبنان لا سيما أعضاء المجلس النيابي والحكومة لكي ينفتحوا عليه في حياتهم الروحية والأخلاقية وفي ممارسة عملهم السياسي وواجباتهم التشريعية وقد تكرسوا لخدمة الخير العام".

وتابع "الواقع الجديد الذي نحتفل به يذكرهم بأن هويتهم السياسية ورسالتهم الوطنية توجبان عليهم تنظيم الحياة العامة وإدارة شؤون الدولة في نشاطها الداخلي إدارة عامة وقضاء ودوائر وأجهزة مراقبة وأمن وخططات ومشاريع في ميادين الإقتصاد والسياحة والثقافة والإنماء كما في نشاط الدولة الخارجي".

ورأى أن "الواقع الجديد يقتضي منهم المحافظة على الدولة وتعزيزها كيانا وشعبا ومؤسسات. لقد عبر الشعب ونقاباته وهيئاته في هذه الأيام عن حاجاتهم المتعددة فإننا نطالب بها معهم ونطالب بحماية الدولة ومالها العام وإجراء الإصالاحات اللازمة لتمويل ما يلزم من موجبات وحماية المؤسسات التربوية والإقتصادية وكلها تضمن إستقرار الدولة وحيويتها وتؤمن فرص العمل للعديد من المواطنين، فيجب حل جميع الأمور العالقة لدى المجلس النيابي والحكومة بجدية وبنظرة شاملة حفاظا على حقوق الجميع".

وزاد "نشكر الله على الحكومة الإئتلافية التي تعمل جاهدة على القيام بمسؤولياتها وعلى المجلس النيابي الذي استعاد نشاطه التشريعين واليوم يستعد لإنتخاب رئيس جديد وقادر يأتي ناضجا بنتيجة جلسات الإقتراع التي تبدأ الأربعاء المقبل ويأتي بنتيجة تشاورات الكتل النيابية والأحزاب السياسية وسماع هيئات البلاد وسائر فئات الشعب".

ولفت الى أن "أنظار العالم ولا سيما الدول الصديقة موجهة إلى المجلس النيابي وتأمل أن يلتزم النواب بواجب الحضور والإقتراع والتشاور بحكم الوكالة الملزمة المعطاة لعهم من الشعب لهذه الغاية وأن يختاروا أفضل رئيس للبلاد تقتضيه الظروف ويكون على مستواها وهذا ما نلتمسه بالصلاة من جودة الله"، متوجها إلى إخواننا وأبنائنا "الذين يعيشون مأساة الحرب والعنف والإرهاب في سوريا والعراق ومصر وفلسطين إنهم في صلاتنا وفكرنا ومعهم ترفع صلاتنا إلى الله من أجل الضحايا البرئية والجرحى والعائلات المنكوبة والمشردة".

وناشد المقاتلين "إتقاء الله وإيقاف دوامة العنف وحل قضاياهم بالحوار والتفاوض".

وفي الشق الديني أشار البطريرك الراعي الى انه "منذ 2000 سنة والمسيحيون يعلنون حقيقة قيام المسيح التي هي أساس إيمانهم ومصدر محبتهم، يعلنونها للعالم كله بشرى مفرحة أن قيامة المسيح حدث عام دشن بعدا جديدا للوجود الإنساني. في قيامة يسوع تحققت قفزة نوعية أنطولوجية تختص بالكائن في حد ذاته وإنفتح بعد جديد في حياتنا على المستوى الفردي نكون فيه بإتحاد مع الله بواسطة سر القربان وبعد آخر على المستوى الجماعي إذ تكون من موت المسيح وقيامته جسده السري الذي هو الكنيسة وهو المسيح الكوني. إنه واقعنا الجديد فالمسيح قام من بين الأموات باكورة للراقدين. إما أن تكون قيامة المسيح حدثا عاما أو لا تكون وبما أنه بقيامته لم يرجع إلى حياة إنسانية إعتيادية في هذا العالم كذلك نحن بقيامة قلوبنا علينا السعي بنعمته إلى عيش جديد يخرجنا من عاداتنا العتيقة ومن تجربة الرجوع إلى الوراء".

وتابع "أيها الإخوة والأخوات، الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات كلنا مدعوون لعيش هذا الواقع الجديد، نتجدد شخصيا ونجدد مؤسساتنا ونجدد أداءنا ونهج حياتنا ونجدد قوانا ومقاصدنا والتجدد يقتضي منا الخروج من ماضٍ وضعنا في نوع من الرتابة التي تفقدنا دينامية العطاء والتحرك. إن المجمع البطريركي الماروني الذي عقدناه بين 2003 و2006 يذكرنا بعناصر قوتنا المتنوعة فهو لا يقف عند حدود الماضي بل يبقى رفيق حياتنا إلى جانب الإرشادين الرسوليين للبابا يوحنا والبابا بنديكتوس السادس عشر".