هل انتفت أسباب إلغاء الرأي الاخر في طرابلس بدءًا من إقفال مكتب "الحزب السوري القومي الاجتماعي" واخراج الشيخ هاشم منقارة ووضع اليد على مكتب "حركة التوحيد" في ابي سمراء ومنع آل النشار من فتح محلاتهم في الاسواق الداخلية وتهجير عشرات من العائلات الشيعية والعلوية؟ وهل لحظت الخطة الامنية هذه المسألة الحيوية التي تعتبر ضرورية لاعادة الحياة الطبيعية الى سابق عهدها في المدينة التي كانت دائما نموذجا لتنوع الافكار والاراء والاحزاب والعقائد؟

هذه التساؤلات تعتبرها اوساط طرابلسية مشروعة جدا وتطرح بجدية بعد الانجازات التي حققتها الخطة الامنية والتي تعتبر انها جارية في سياق استعادة طرابلس من خاطفيها الذين استباحوها عدة سنوات وجعلوها مدينة ترعب الرأي الآخر وتلغيه وتهجره من المدينة نتيجة مشاريع مطروحة لإقامة "كانتون أصولي" منغلق على نفسه.

لم يكن اقفال مقر "الحزب القومي" وتهجير الشيخ منقارة ووضع اليد على مقر حركة "التوحيد الاسلامي" وغيرها من الممارسات التي شهدتها طرابلس إلا حالات دخيلة على الطرابلسيين ووليدة مشاريع خارجية استفزت معظم الشرائح الطرابلسية التقليدية قبل أن تستفز المذكورين، وقد اعتبرت هذه الشرائح أنها شكلت إساءات الى تاريخ المدينة، التي لم تكن مدينة الغائية كما حصل في عهد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ولا هي مدينة حصرية لفكر او تيار او حزب سياسي، وان المطروح لدى هذه الاوساط هو استكمال الخطة الامنية باعادة الحياة لتلك الاحزاب والتيارات والعائلات التي هجرت قسرا، كي تكون خطة شاملة تكرس فعلا المصالحة النفسية والوطنية بمعنى البدء بالمصالحة مع الذات واقتناع الاخر بالاخر وان يفسح المجال للمنافسة السياسية الديمقراطية وترك حرية الاختيار للمواطنين الطرابلسيين المعروف عنهم بانهم واعون لمجريات الامور السياسية وليس ان تفرض عليهم تيارات سواء بالاستقطاب المالي او بوسائل التعبئة الطائفية والمذهبية التي استعملت في الايام التي مضت للتحكم بالشارع من خلال استثارة الغرائز المذهبية.

قد يقول البعض ان طرابلس لا تزال ذات مزاج ازرق لكن البعض الاخر يرى ان طرابلس بعد ما مرت فيه من ويلات الجولات العشرين باتت اكثر وعيا وادراكا بأنها لن تكون بعد اليوم مطيّة لطموحات السياسيين واهوائهم، ولذلك تشير الاوساط الى جملة بنود تضعها برسم السلطات الرسمية السياسية والامنية وبرسم كل القوى الفاعلة على الساحة الطرابلسية هي:

اولا، متابعة الخطة الامنية بتوقيف المتورطين بعمليات الاغتيال التي نفذت في طرابلس والذين نفذوا اعتداءات على مواطنين ابرياء بسبب انتمائهم المذهبي، وان توقيف هؤلاء امر ملح لاستكمال اشاعة الامن والامان في المدينة.

ثانيا، استكمال المداهمات ومصادرة مستودعات الاسلحة والذخائر وهذا ما قام به في الساعات الاخيرة الجيش والقوى الامنية الاخرى في جبل محسن والتبانة والزاهرية ما أظهر ان لا مساومة في هذه الاجراءات ولا مهادنة لاي طرف من الاطراف..

ثالثا، اعادة فتح المكاتب التي اغلقت وعودة المهجرين الى المدينة، وازالة طبقات البناء التي شُيّدت بطريقة مخالفة لمعايير البناء والسلامة العامة والتي تمت تحت ضغط السلاح والمسلحين الذين تقاضوا اموالا عن هذه الابنية المخالفة لقاء الادعاء بحمايتها.

رابعا، توقيف الذين نفذوا الخوّات في الاسواق الداخلية.

خامسا، الاسراع في دفع التعويضات لعائلات الشهداء والمتضررين واصحاب المحلات والمؤسسات التي تعرضت للسرقة وللاضرار والحرق..

وترى المصادر أنه، ولكي تتكرس الخطة وتستكمل كل اهدافها، يجب الاسراع بوضع الخطة الانمائية الاقتصادية التي يفترض مواكبتها للخطة الامنية لا سيما توفير فرص عمل للشباب العاطل عن العمل ومن شأن وضع الخطة الانمائية والاعمارية ان تنهض بمناطق الحرمان في طرابلس ولعل فتح الشوارع التي تربط بين التبانة وجبل محسن وازالة ركام الدمار من اولويات تسهيل الخطة االانمائية والاعمارية وتلقي اجواء الارتياح الشعبي الى الامن والاستقرار وان لا عودة لعقارب الساعة الى الوراء.