بمعزل عن الاستحقاق الرئاسي وارتباطاته الخارجية والسيناريوهات المطروحة بشأنه، يتوقف الراقبون عند المشهد العربي عموما والخليجي خصوصا في ظل عدد من التحولات البارزة اكان في المواقف ام الممارسات. فإضافة إلى تغيير النهج السعودي على صعيد الدعم المباشر لبعض فصائل المعارضة السورية المتزامن مع سلسلة من المتغيرات التي بدأت مع الاعلان عن تعيين ولي عهد ثان ولم تنته مع تعيين رئيس مخابرات جديد خلفا للامير بندر بن سلطان يصفه عارفوه بالمطلع على الملفات العربية بشكل عام ومفصل والشخصية العقلانية القادرة على التعاطي مع الامور بشكل مقبول، برزت في الأيام الأخيرة سلسلة مواقف لا بدّ من قراءتها بتمعّن لما يمكن أن يحمله من مؤشرات تؤثر على مجريات الأمور بشكل عام على غرار ذلك الذي أطلقه وزير الخارجية العمانية يوسف بن علوي ويجيز فيه لايران التدخل في سوريا اسوة بسائر الدول الاجنبية في اعتراف مباشر بمشاركة شيشانيين وعرب الى جانب المعارضة السورية هو الاول من نوعه لدولة منضوية تحت لواء مجلس التعاون الخليجي في مشهد يحدد مكامن الخلل العربي المنشأ.

الموقف العماني المفترض به أن يشكل بداية صالحة لعملية إعادة خلط أوراق شاملة يستند بحسب المعلومات إلى سلسلة من الوساطات قامت بها السلطنة بين المملكة العربية السعودية وايران لم تنته إلى توافقاتٍ معلنة بسبب التعنت السعودي إزاء الموقف من الرئيس السوري بشار الاسد ونظامه ورفضها المساومة على بقاء الاسد بعد أن تحوّل الصراع بين المملكة ودمشق إلى موضوع استراتيجي وشخصي بين الملك السعودي الرافض بالكامل لبقاء الاسد في منصبه والاسد نفسه في مشهد يؤكد على عمق الخلافات وعقم المساعي.

غير أنّ الأمور لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل تطورت إلى ما يشبه الاقتناع العام بضرورة تغيير التعاطي الخليجي مع أزمات المنطقة العربية، خصوصًا بعد أن تحوّلت الأزمة السورية إلى مصفاة للعلاقات الخليجية - الخليجية. ففي وقتٍ بدأت فيه قطر تنفيذ استراتيجيتها الجديدة القاضية بالانسحاب التدريجي من الرمال السورية المتحركة والاستعاضة عن ذلك بفتح قنوات تواصل مع المحور الخليجي المناهض للانقسامات العربية والذي تقوده ​سلطنة عمان​ الجارة الطبيعية لايران، فضلا عن إعادة الحرارة الى الخط الدبلوماسي الرابط بين الدوحة ودمشق وطهران عبر اتصالات تجريها المخابرات القطرية انطلاقا من لبنان، برز خط شيعي عربي ممتد من البحرين مرورًا بشيعة الحجاز وليس انتهاءً بشيعة العراق في مشهدٍ يؤكد على اصطفافات جديدة من شأنها أن تؤثر على مجمل المشهد، فضلا عن إعطاء إيران المزيد من الاوراق لمقارعة الدول الخليجية في عقر دارها وانطلاقا من المملكة المحشورة في زاوية التحولات وغير القادرة على مماشاتها نظرًا لتورطها العميق وذهابها بعيدا في دعم الوهابية السياسية خلافا لمبدأ التعاون العربي والخليجي.

يبقى أنّ علامة الاستفهام المطروحة تتمحور حول توقيت إطلاق الموقف العماني الجديد والسرّ الكامن وراء تبرير السلطنة المطلق للتدخل الايراني في سوريا فضلا عن اعترافها العلني لمشاركة مجموعات شيشانية في الحرب الدائرة على الارض السورية، وما إذا كان هذا الموقف وليد مساعٍ جديدة لمزيد من الوساطات بين المملكة وايران أو أنّها في صدد الضغط المعنوي والسياسي على المملكة بعد أن أسّست إلى فرط مشروع الاتحاد الخليجي بصورة نهائية استنادًا إلى اعتبارها أنّ المملكة تسعى إلى ضمّ الدول الخليجية تحت عباءتها الموقعة من قبل العم سام في وقتٍ يميل بعضها إلى السياسات البريطانية الاكثر عقلانية في التعاطي مع ملفات المنطقة.