يدور الجدل حاليا، بمناسبة بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، حول النصاب القانوني لجلسة اعضاء مجلس النواب في الدورة الاولى وفي دورات الاقتراع التي تلي.

يبدو أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إرضاءً لتمنيات غبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، حدّد موعد انتخاب رئيس للجمهورية في 23/4/2014 اي ضمن مهلة الشهرين المنصوص عنهــا فــي المـــادة 73 من الدستور وقبل انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان في 25/5/2014، واعتبر أنّ النصاب القانوني لانتخاب رئيس الجمهورية في الدورة الاولى هو بغالبية الثلثين، وفي الدورات التي تلي بالغالبية المطلقة (النصف زائدًا واحدًا) أي 65 نائبا من مجموع اعضاء المجلس النيابي الاحياء المؤلــف مــــن 128 نائبــا، وذلك، بخلاف صريح المادة 49 فقرتها الثانية، التي تنصّ: "ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي".

يتبين ان غالبية الثلثين في الدورة الاولى، بحسب صراحة هذا النص الدستوري، لا تعني النصاب القانوني (Le Quorum) لانعقاد المجلس النيابي بل هذه الغالبية الاولى تمثل عدد الذين سيقترعون في الجلسة، بحيث يستغنى عن الجلسات اللاحقة لها اذا حاز المرشح على هذه الغالبية. أما النصاب القانوني لانعقاد المجلس النيابي فهو: أكثرية أعضائه الذين يؤلفونه (أي الأكثرية المطلقة) عملا بالمادة 34 دستور التي تنصّ: "لا يكون اجتماع المجلس قانونيا، ما لم تحضره الاكثرية من الاعضاء الذين يؤلفونه".

وفوق ذلك، فلو شاء القانون الدستوري تحديد اكثرية موصوفة لانعقاد المجلس النيابي من اجل انتخاب رئيس للجمهورية لكان جاء النص مماثلا للمادة 79 دستور المتعلقة بتعديل المواد الدستورية واليكم حرفيتها: "عندما يطرح على المجلس مشروع يتعلق بتعديل الدستور لا يمكنه ان يبحث فيه او يصوت عليه ما لم تلتئم اكثرية مؤلفة من ثلثي الاعضاء الذين يؤلفون المجلس قانونا ويجب ان يكون التصويت بالغالبية نفسها".

وعليه، فان هناك فرقـا شاسعًا بين المادتين 49 و 79 من الدستور، ولو افترضنا المستحيل ان المادة 49 المذكورة توجب توافـر الثلثين لانعقاد المجلس لاصبح من العسير جدا انتخاب الرئيس، الامر الذي قد يؤدي الى الفــراغ، وتعطيل المصالح العليا للوطن، في حين، ان آلية انتخاب الرئيس بمقتضى المادة 49 دستور لا تحتاج الا للاكثرية المطلقة لانعقاد النصاب القانوني للمجلس النيابي، وفي حال لم يحظ المرشح على غالبية الثلثين في الدورة الاولى لعدم حضور هذا العدد من النواب يصار الى انتخابه في الدورات اللاحقة بالغالبية المطلقة وتتكرر الجلسات الى ان يحوز على هذه الغالبية الاخيرة، علما، بان الغالبية المطلقة تمحض الرئيس المنتخب شرعيـة تامـة.

وبكلمة اوضح، ان حضور الغالبية المطلقة من اعضاء المجلس النيابي كافية لبدء عملية انتخاب رئيس للجمهورية، ولا يعلن فوز المرشح الحائز على هذه الاكثرية المطلقة في الدورة الاولى، اما اذا حاز عليها في الدورة الثانية فيعلن فوزه ويصبح للبنان رئيسا منتخبا.

واذا اراد المجلس النيابي تعطيل جلسة 23/4/2014 لعدم حضور غالبية الثلثين فيكون اعضاء المجلس امام خرق دستوري خطير في حال توافرت الاكثرية المطلقة في تلك الجلسة وعزفوا خلالها عن انتخاب الرئيس، أما في حال عدم حضور هذه الاكثرية الاخيرة، فهذا يعني ان النواب لا يريدون ممارسة واجبهم الدستوري!