إنه يومٌ تاريخيٌّ بإمتياز سواءٌ تمَّ فيه إنتخابُ رئيس أو لم يتم، هو يومٌ تاريخيٌّ لأنَّ الديمقراطيةَ ستنتصرُ فيه على الإستسلام للتمديد أو للفراغ أو للفوضى...

إنه يومٌ تاريخيٌّ بإمتياز لأنَّ هناك رجالاً وقادة تاريخيين ضغطوا في إتجاه الوصول إليه، فثابروا من دون كلل أو ملل لتأخذ آلية الإستحقاق الرئاسي مجراها، وهي أخذت هذا المجرى.

إنه يومٌ تاريخيٌّ بإمتياز للرئيس المبعَد الشيخ سعد الحريري الذي يحقُّ له أن يتباهى أنَّه كسِبَ الرهان حين كان يقول بدنا رئيس، هو يتطلَّع اليوم إلى ساحة النجمة ويضحك في قلبه ومن قلبه بعد أن يرى أنَّ كلَّ الرهاناتِ التي راهنها غيره قد سقطت، وأنَّ رهانَهُ هو قد نجح والذي يقوم على الأسس التالية:

وحدة 14 آذار.

التنسيقُ والتناغمُ مع الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي منذ إجتماع روما وحتى اليوم.

إستمراريةُ تداولِ السلطة، من رئيس إلى رئيس وليس من خلال إناطة السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً أو من خلال التمديد.

هذه هي الأسس، أما مَن سيكون الرئيس فهي مسؤولية النواب، ألم يطالِب الجميع بلبننة الإستحقاق؟

واستطراداً ماذا تعني هذه اللبننة غير أن يختارَ النوابُ المئة والثمانية والعشرون رئيسهم؟

هذه التساؤلات هي بعض ما يُسمَع في أرجاء دارة الرئيس سعد الحريري في الرياض، وحين زرناه سجلنا الملاحظات التالية:

ما يعني زعيم تيار المستقبل من الإستحقاق هو إنجازه لأنَّ الكارثةَ الكبرى هي عدم إجراء الإنتخابات.

الرئيس الشاب يتطلَّع إلى الأمام ولا يتوقَّف كثيراً عند أحداث الماضي، هو لم يعد يبالي بمَن قطعوا له وان واي تيكيت، كما لم يعد يبالي بمَن شهَّروا بالمسار السياسي لفريقه من خلال كتاب الإبراء المستحيل، ليتبيَّن للقاصي وللداني أنَّ مَن قطعوا له وان واي تيكيت يناشدونه العودة وأنَّ الإبراء المستحيل أصبح ممكناً.

هذه الأمور تُستَرجَعُ ليس للتشفي بل لأخذ العبرة من أنَّ رفعَ السقوف أحياناً لإستثارة الغرائز هو سياسةٌ لا توصِل في نهاية المطاف سوى إلى الخراب، وعلى اللبنانيين أن يتعلَّموا من التجارب.

***

المهم، ماذا سيحدثُ اليوم؟

سيتوافدُ إلى ساحة النجمة ستةٌ وثمانون نائباً على الأقل:

ثمانيةٌ وثلاثون نائباً من كتلة المستقبل عدا الرئيس سعد الحريري والنائب عقاب صقر، ينضمُّ إليهم نوابُ القوات الثمانية ثم نوابُ الكتائب الخمسة ثمَّ النواب المنفردون:

دوري شمعون، عماد الحوت، تمام سلام، نجيب ميقاتي، أحمد كرامي، ميشال المر ونايلة تويني ثم بطرس حرب وروبير غانم ومحمد الصفدي.

وفي المقابل، ينزل نوابُ التغيير والإصلاح ربما مع العماد عون وربما من دونه، ثم نوابُ التنمية والتحرير فيما يغيب نواب حزب الله ونواب القومي والبعث وطلال إرسلان.

إذا دخل الستةُ والثمانون إلى القاعة، يُعلِن الرئيس بري إفتتاح الجلسة، فماذا سيحصل في هذه الحال؟

تدور الصندوقةُ الزجاجية فينال الدكتور جعجع ما يتجاوز الخمسين صوتا بعدما قرر حزب الكتائب انتخابه. وفي الحالين لن يصلَ إلى الستة والثمانين صوتاً المطلوبة في الدورة الأولى.

ويبدو أنَّ الدكتور جعجع لن يكون المرشَّحَ الوحيد حيث أنَّ النائبَ وليد جنبلاط قرَّر ترشيحَ النائب في كتلته هنري حلو، الذي سينال أصوات كتلة جنبلاط السبعة بالإضافة إلى النواب الثلاثة العائدين إليها، وهُم مروان حمادة وأنطوان سعد وفؤاد السعد والرئيس نجيب ميقاتي، والنائب احمد كرامي والنائب نقولا فتوش.

***

عدا الدكتور جعجع والنائب حلو، قد يكون هناك مرشَّحٌ ثالث هو مرشح الورقة البيضاء التي قد يُدلي بها نواب التغيير والإصلاح ونواب التنمية والتحرير ونواب حزب الله ونواب القومي والبعث والنائب طلال إرسلان، في محاولةٍ لتسجيل موقفٍ إعتراضي من دون الغياب عن الجلسة.

***

يبقى إحتمالٌ آخر هو أن يصل النواب إلى ساحة النجمة من دون أن يدخلوا إلى القاعة، وفي هذه الحال لا تنعقد الجلسة.

***

أيُّ الإحتمالات هي الأقرب؟

الغد لناظره قريب، وستظهر الوقائع من المناورات، ولكن ما هو مؤكد أنَّ ما بعد 23 نيسان ليس ما قبله.