«عملو معروف انزلوا، الوفد الفرنسي بدو يطلع»! بالرضا والتسليم لطلب عناصر الأمن، ينزل ركّاب المصعد من صحافيين وموظفين في الطابق الأرضي لمبنى مجلس النوّاب، ويصعد 10 فرنسيين، هم أعضاء لجنة الصداقة اللبنانية ـــ الفرنسية، وينضم إليهم لاحقاً السفير الفرنسي في بيروت باتريس باولي. «لحظة لحظة يا جماعة، بَعّدو عن الباب، الوفد الفرنسي بدو يفوت»، هذا على مدخل القاعة العامة في الطابق الأول، إنها أصول الضيافة اللبنانية من جديد!

«الإرسال» في الهواتف الخلوية داخل القاعة مقطوع، ومع ذلك، مُنع الصحافيون من إدخال هواتفهم. القانون لا يسري طبعاً على الوفد الفرنسي. ففيما شُغل النّواب والصحافيون بمراقبة سير الجلسة، انهمك الفرنسيون في «تنقير» الملاحظات على شاشات هواتفهم، والتقاط الصور. وكغيرهم من الحاضرين، انهمك الفرنسيون بوصول النائبة ستريدا جعجع، بعضهم ظنّ النائبة نايلة تويني زوجة المرشّح العتيد، قبل أن يصوّب أحد الحاضرين الالتباس الفرنسي ويوجه انظارهم نحو نائبة بشري.

حضور وفدٍ فرنسي للجلسة الأولى في ظلّ غياب كل القناصل والسفراء الأجانب والعرب، لا يعني شيئاً. فالوفد المذكور كان في زيارة مقرّرة للبنان منذ أكثر من ثلاثة أسابيع، أي قبل أن يحدّد الرئيس نبيه برّي موعد جلسة أمس. وعلى ما يؤكّد المعنيون في مجلس النواب، فإن الوفد قد حصل على إذن الرئيس للحضور.

تغيّر الدور الفرنسي في لبنان كثيراً. من الإمبراطورية الشريكة في تقسيم الشرق في «سايكس ـــ بيكو»، إلى إمبراطورية الانتداب، إلى القوة الدولية الحامية للمسيحيين في لبنان، والأم الحنون، إلى «شاهد ما شفش حاجة» في 2014، مسيرة من انحدار النفوذ، أوضح صورها، حضور وفد فرنسي لجلسة انتخابات رئاسة الجمهورية، تماماً كزيارة الوفد قلعة بعلبك، أو أي معلم سياحي آخر. «الأميركيون يشغّلون الفرنسيين»، يقول مرجع لبناني، فيما يجمع عددٌ من النواب شاركوا في جلسة الأمس، على أن «فرنسا تعيش آخر أيام نفوذها في لبنان»، لتبقى «العترة على جماعتها... أكيد نقلوا عند الأميركان». الجميل، أن التهكّم على انحسار النفوذ الفرنسي في لبنان، لم يعد يقتصر على سياسيين ومرجعيات لبنانية، للسفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل، كلامٌ في هذا الشأن. رُفعت الجلسة، «عملوا معروف مرقونا، الوفد الفرنسي بدو يفلّ»...