يحق للنائب وليد جنبلاط فرض قواعد بازار الانتخابات الرئيسية في لبنان... يحق للزعيم الاشتراكي تزكية هذا المرشح او ذاك تبعا لرؤيته للمصلحة الوطنية التي لا تتعارض حكما مع مصالحه الخاصة..

منذ زمن... اتقن جنبلاط لعبة بيضة القبان ويُشهد له انه مارسها بكثير من الاحتراف في الآونة الاخيرة لا سيما بعدما سرب «فيتواته» السرية والعلنية على رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون وقائد الجيش العماد جان قهوجي لمنعهما من الوصول الى سدة الرئاسة، وبعدما ابلغ بصريح العبارة قيادات الصف الاول في قوى 8 آذار بان قراره نهائي ولا رجوع عنه.

في حالة عون، تعترف جهات سياسية مرموقة في البلد ان تهديدات البيك قد تصح لان الخارج العربي والاقليمي والدولي لم يعط اية اشارة ايجابية حول تبني ايصال الجنرال الى بعبدا، كما ان تيار المستقبل ما زال يحاور عون ويتواصل معه من قبيل المناورة السياسية التي لن تسلم عون مفاتيح الرئاسة الاولى، وهذا ان دل على شيء فهو ارتباط مصير الجنرال الرئاسي حتى اللحظة باصوات كتلة سيد المختارة.

في مكان ما، قد يكون بمقدور جنبلاط اللعب في ملف عون او غيره تحت عناوين مختلفة قد ترضي الحلفاء والخصوم وقد لا ترضيهم، لكن في حالة العماد قهوجي فالملف اكبر بكثير من قدرة اي طرف داخلي على المناورة، وعلى ما تقول مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى لـ»الـلواء» فان قائد الجيش يحظى بشبه اجماع داخلي وعربي ودولي يتخطى فيتو جنبلاط ومعظم الافرقاء في قوى 8 و 14.

ربما اكثر ما يخيف جنبلاط من عون وقهوجي هو خروج اللعبة السياسية من بين يديه في حال انتخاب اي منهما، بما يعني تقسيم 8 و 14 وفرز اصطفافات جديدة في البلد تسلبه نعمة التحكم بمصير كل الاستحقاقات.

من هنا، يحاول جنبلاط لعب الورقة الرئاسية بكثير من الحنكة والدهاء... اعاد لم شمل كتلته ورشح هنري حلو فقط لتذكير الحلفاء والخصوم انه ما زال الناخب الاول والاخير للرئيس، وفي المقابل مرر من تحت الطاولة ورقة الوزير السابق جان عبيد كمرشح توافقي معتمدا على همة صديقه الرئيس نبيه بري لتسويقه لدى حلفائه، ومراهنا على تسريبات دبلوماسية تؤكد بان القوى الاساسية في لبنان والخارج لا تضع فيتو على عبيد وتترك البت باختياره الى اللحظة الاخيرة بعد تعذر كل الحلول على قاعدة انتخاب رئيس جمهورية «لا غالب ولا مغلوب».

لكن خارج توصيف الحالة الجنبلاطية ومصيرها في ظل المعمعة التي تعصف بالوطن العربي والتفاهمات الاقليمية الجديدة يبقى الرئيس اللبناني مجرد تفصيل بسيط مقدور على تمريره بطريقة لا تحرج حلفاء الصف المسيحي في 8 و14 لا سيما اذا توافقت ايران والسعودية على المقايضة بين ملفات الانتخابات البرلمانية في العراق والرئاسية في سوريا ولبنان، وخارج هذا التوصيف ايضا فثمة من يهمس بان سحب احتمال عدم اجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده سيتحدد بناءا على نتائج الانتخابات العراقية.