تتباين القراءات حيال النتائج التي خلصت اليها جلسة انتخاب رئيس للجمهورية والتي نال فيها مرشح قوى 14 آذار رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع 48 صوتاً في مقابل 52 ورقة بيضاء اقترعتها قوى 8 اذار او الممانعة في حين نال مرشح «جبهة النضال الوطني» النائب هنري حلو 16 صوتاً، اذ وجدت قوى 14آذار ومرشحها جعجع بان ما حصل هو انجاز ديموقراطي وبداية اعطاء الاستحقاق الرئاسي البعد المفترض ان يسلكه بعد الصيغة التي كان يتم من خلالها توليد رئيس الجمهورية والتمديد له زمن الوصاية السورية، وهي خطوة لم تستكمل لكون فريق الممانعة تقول مصادر 14 آذار انسحب من الجلسة ما ادى لتعطيل الدورة الثانية، في حين جاء ترشيح النائب جنبلاط للمرشح حلو بابا للاجتهاد السياسي عما اذا كان سيمضي في هذه الخطوة حتى النهاية ام هي قابلة للتفاوض وذلك في ظل صمت الاقطاب المسيحيين الاربعة وغيرهم من المرشحين من الذين لم يعترضوا على ما اقدم عليه جنبلاط املين في استمالته نحوهم والحصول على اصوات كتلته النيابية في حال تعدلت الحسابات.

لكن في منطق الفريق الداعم لترشيح رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون، قناعة بان ما خلصت اليه الجلسة من عبر، لا يعطي انطباعا ان الطريق الى قصر بعبدا مقطوعة امام العماد عون، بقدر ما حملت النتائج من رسالة واضحة على ما يقول مصدر وزاري في التكتل لان ما خلصت اليه الجلسة كان امراً متوقعا ومرتقباً من قبلنا وهي ستستكمل بمراحل لاحقة ستمر ايضا وستأخذ مجراها. ولكن طالما العماد عون غير مرشح وهو يلقى دعم فريق 8 اذار، وفي المقابل تستمر قوى 14 اذار في التصويت لمرشحيها لن يستطيعوا انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لكن قد يسلمون ويقرون لهذه المعادلة سواء استمروا بدعمهم لترشيح الدكتور جعجع او رشحوا رئيس حزب الكتائب اللبنانية الرئيس امين الجميل او الوزير بطرس حرب او اي مرشح من صفوفهم، لن يصلوا الى استدراك الفراغ بما يحمل من تداعيات قد تفرض اقله الذهاب الى مناقشة واقع جديد للنظام اللبناني، اذ لا امل او مؤشرات (بدوحة 2) او اي اطار آخر في حال دخلت البلاد دائرة الفراغ الرئاسي، اذ ستأخذ الترشيحات الرئاسية مداها يكمل المصدر حتى الاقتناع بان لا قدرة لفريق 14 اذار بايصال مرشح من صفوفه.

وعما اذا كان رهان لدى الفريق الداعم للعماد عون على تفاهم مع رئيس «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري من شأنه ان يؤدي لانتخاب عون رئيسا في ظل المواقف والمعلومات المخالفة لهذا الواقع لدى سياسيين في «تيار المستقبل» . يجيب المصدر الوزاري بان بعض هؤلاء الذين يستبعدون هذ الواقع. يتحدثون على قدر معلوماتهم، وكلامهم غير دقيق ولا يعني ان عكسه صحيح، لكن يجب ان نستعيد بعض المحطات بينها تشكيل حكومة ثمرة اللقاء بين الرئيس الحريري وبين العماد عون ثم عمليات التطهير العسكرية لمنطقة القلمون وغياب الكلام عن مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، وصولا الى ما تشهده مدينة طرابلس وما تبعها من مغادرة آل عيد من جبل محسن.

اذ في ظل عدم قدرة قوى 14 آذار على انتخاب رئيس من صفوفها وفي ضوء الواقع المستجد المواكب لانطلاقة الحكومة على وقع التطورات التي تم تعدادها قد تدفع الامور وبحسب المصدر الوزاري بعدد من القوى للدعوة نحو خرق الدائرة المغلقة والمطالبة بالحاح لاستدراك الفراغ وانتخاب رئيس للجمهورية تحسبا لنتائج هكذا حالة، بما يدفع نحو انتخاب العماد عون...

وتنطلق القراءة لدى منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد من اعتباره ان جلسة انتخاب الرئيس التي حصلت منذ يومين، اكدت بالحسابات الواضحة ومن خلال حصول المرشح الرئاسي جعجع على 48 صوتا بان الارادة الوطنية من اجل انتخاب رئيس صنع في لبنان كانت قوية في مقابل معادلة اقليمية تضم كل من ايران، النظام السوري، التحالف الشيعي امل و«حزب الله» وتكتل العماد عون، كانت حدودها القصوى ب«52» ورقة بيضاء وحتى حينه فان الواقع على حاله الى حد الانقشاع في المعادلة الاقليمية الداعمة لعون على الارادة الوطنية المؤيدة لجعجع.

وتكمن القراءة المرتكزة على احتمال قوي للتسوية والتفاهم على شخص رئيس الجمهورية الجديد، التي فتحت باب التحركات بين الطامحين غير المعلنين لتواصلات عدة على غرار اكثر من اجتماع بين طامحين وبين رئيس مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري في غضون الايام الماضية على ما شهد احد مطاعم العاصمة. تكمن القراءة في ان احدا من مرشحي المحاور لن يصل الى رئاسة الجمهورية، وان نتيجته المعادلة المثمرة في حال شهدت العلاقة بين واشنطن وبين طهران تقدما تكون في تسهيل ايران لانتخاب رئيس توافقي للجمورية بموافقة السعودية على المرشح والمرجح ان يكون من الذين تسميهم ايضا لكن هذا الواقع لن يكون في المدى القريب اي ان البلاد ستدخل مرحلة الفراغ، خصوصا ان ترشح الرئيس السوري بشار الاسد قد يدفع به لعدم ترك حلفائه البت في الاستحقاق الرئاسي اللبناني ولا سيما، دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك المجتمع الدولي مع عودته ومدى الضغط ربما الذي سيمارس عليه والعقوبات ايضا بما سيدفعه الى ربط مصير الاستحقاقين وتأخير انتخاب رئيس الجمهورية اللبناني الى ما بعد انتخابه للبقاء في السلطة.