تعتبر مسألة النزوح السوري الى لبنان مأساةً مزدوجة، على السوريين النازحين اولا بسبب فقدانهم لمنازلهم وبعض أفراد عائلاتهم، وعلى لبنان ثانيا الذي لم يعد يتحمّل تلك الأعداد الكبيرة التي ترده يومياً. وفي خضم هذه الأزمة يبرز دور لبعض المؤسسات الخيرية والدولية التي استنفرت لمساعدة هؤلاء اللاجئين وإستثنت من هذه المساعدات لبنانيين هم في أمسّ الحاجة إليها لانهم يشكلون البيئة الحاضنة للنزوح السوري مع ما يستتبع ذلك من مآسٍ، اضافة الى نتائج هذه المساعدات التي ستؤدي بالنازح السوري الى التمسك ببقائه في لبنان وعدم التفكير بالعودة طالما ان كامل مستلزمات اقامته مؤمّنة.

"مشكلة النازحين السوريين كبيرة، ولا أحد يعرف كيف ستنتهي"، بهذه الكلمات يعبّر رئيس بلدية البوار ​روفايل مارون​ عن عمق الأزمة التي تمر بها البلدة. ويلفت مارون في حديث لـ"النشرة"، الى أن "المؤسسات الدولية وتحديداً الأمم المتحدة تتهافت لمساعدة هؤلاء في حين أنها ترفض أن تشمل المساعدات لبنانيين هم بحاجة اليها أكثر من الضيوف في بلدهم". ويشرح: "طالبنا الأمم المتحدة أن لا تشمل المساعدات النازحين السوريين فقط، لأن بعض اللبنانيين الموجودين في المنطقة هم أكثر حاجة من السوريين وأسماؤهم مسجلة لدى وزارة الشؤون الإجتماعية، الا أن الطلب قوبل بالرفض، وبالتالي رفضنا نحن ايضا عرض الأمم المتحدة"، ويضيف: "عادت الأمم المتحدة وتعاقدت مع "سوبرماركت" في البوار وهي تقدم لهم المواد الغذائية مقابل قسائم شرائية تبلغ قيمتها مئة دولار".

لا ينفي صاحب السوبرماركت طوني أنطون عبر "النشرة" مسألة تعاقده مع الأمم المتحدة لتقديم المواد الغذائية للاجئين السوريين مقابل قسائم شرائية تبلغ قيمتها حوالي المئة دولار، ويرد سبب وقوع الخيار عليه الى كون أسعار البضائع لديه رخيصة، فبمبالغ ضئيلة يمكن شراء كميات كبيرة.

مسلسل المعاناة في خصوص المساعدات طويل بحسب ما يؤكد مارون الذي يعتبر أن "أزمة اللبنانيين أكبر من ازمة السوريين، ففي مستشفى البوار الحكومي، مثلاً، لا يدخل اللبناني للعلاج إلا بعد دفع مبلغ معيّن، في وقت أن السوريين يُعالجون ويَلِدون على حساب الأمم المتحدة".

ليست الأمم المتحدة المؤسسة الوحيدة التي تقدم المساعدات الى السوريين، وربّما لتُساهم في توطينهم، ففي مناطق أخرى تقدم "كاريتاس" هي الأخرى القسائم الشرائية الى السوريين، وفي هذا الإطار تشير المسؤولة في المؤسسة إيزابيل سعادة الى أن "المشروع يشمل جبل لبنان وبلّونة". وترد سبب عدم إشراك اللبنانيين بهذا المشروع الى رفض المموّل ذلك، وتؤكد "أننا نسعى الى إشراك اللبنانيين في المشاريع المقبلة". فهل يعي مسؤولو "كاريتاس" ماذا يفعلون؟ ولماذا لا يضغطون على المؤسّسات الدولية التي تحاول جاهدة الى دكّ الاقتصاد اللبناني وطعن اللبنانيين في وطنيتهم؟!

بدوره يشدد عضو تكتل "التغيير والاصلاح" النائب الآن عون عبر "النشرة" على "ضرورة الموازنة بين اللاجئ الحقيقي الذي فرضت عليه الظروف المجيء الى لبنان وبين اللاجئ الذي لديه خيار طوعي وهو مرتاح مادياً". ويلفت الى أن الخوف من مثل هكذا أمور يكمن في أن "يتعود هؤلاء النازحون أن المساعدات تأتيهم، وبالتالي أن يقرروا البقاء ولا يعودوا الى بلادهم".

يعجّ لبنان بالنازحين السوريين وقد أصبح هذا الوجود عبئاً يثقل كاهل اللبنانيين، من هنا بات من الضروري أن يتقاسم العالم هذه الأعباء وليس تحميلها الى بلد صغير مثل لبنان الذي يعاني اصلاً من أزمات مزمنة!